والحصين بن عبد الرحمن بن أسعد بن معاذ قالوا: كان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، اختبر الله به المؤمنين ومحق به المنافقين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو مستخف بالكفر، ويوم أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته. وكان مما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومه ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم، يقول الله لنبيه (وإذ غدوت من أهلك) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس (وإذ غدوت من أهلك) الآية قال يوم أحد. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله (تبوي المؤمنين) قال: توطن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أن الآية في يوم الأحزاب. وقد ورد في كتب السير والتاريخ كيفية الاختلاف في المشورة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم أحد، فمن قائل نخرج إليهم، ومن قائل نبقى في المدينة، فخرج وكان من جملة المشيرين عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين، كان رأيه البقاء في المدينة والمقاتلة فيها، ثم لما خولف في رأيه انخزل بمن معه من المنافقين وهم قدر الثلث من القوم الذين خرج بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر قال: فينا نزلت في بني حارثة وبني سلمة (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) وما يسرني أنها لم تنزل لقوله (والله وليهما). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله (إذ همت طائفتان) قال: ذلك يوم أحد. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: هم بنو حارثة وبنو سلمة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد (ولقد نصركم الله ببدر) إلى (ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) في قصة بدر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (وأنتم أذلة) يقول: وأنتم قليل وهم يومئذ بضعة عشر وثلاثمائة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي: أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف) إلى قوله (مسومين) قال: فبلغت كرزا فلم يمد المشركين، ولم يمد المسلمين بالخمسة. وأخرج ابن جرير عن الشعبي لما كان يوم بدر بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر نحوه إلا أنه قال (ويأتوكم من فورهم هذا) يعني كرزا وأصحابه (يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) فبلغ كرزا وأصحابه الهزيمة، فلم يمدهم ولم ينزل الخمسة وأمدوا بعد ذلك بألف فهم أربعة آلاف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال أمدوا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف وذلك يوم بدر. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله (بلى إن تصبروا وتتقوا) الآية، قال: هذا يوم أحد فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد ولو أمدوا لم ينهزموا يومئذ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ويأتوكم من فورهم هذا) يقول: من سفرهم هذا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة من فورهم قال:
من وجههم. وأخرج ابن جرير عن الحسن والربيع وقتادة والسدي مثله، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد من فورهم قال: من غضبهم. وأخرجا عن أبي صالح مولى أم هانئ مثله. وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (مسومين) قال: معلمين، وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سوداء، ويوم أحد عمائم حمراء. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير: أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر. وأخرج ابن إسحاق والطبراني عن ابن عباس قال: كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضاء قد أرسلوها في ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمراء، ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر، وكانوا