قلب الكافر، وقلب مصفح فذلك قلب المنافق وقلب أجرد فيه مثل السراج فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل المنافق كمثل قرحة يمدها القيح والدم. وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهى، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح. فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه ". وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي مثله سواء موقوفا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله (فقيلا ما يؤمنون) قال: لا يؤمن منهم إلا قليل.
(ولما جاءهم) يعني اليهود (كتاب) يعني القرآن، و (مصدق) وصف له، وهو في مصحف أبي منصور ونصبه على الحال وإن كان صاحبها نكرة فقد تخصصت بوصفها بقوله (من عند الله) وتصديقه لما معهم من التوراة والإنجيل أنه يخبرهم بما فيهما ويصدقه ولا يخالفه. والاستفتاح الاستنصار: أي كانوا من قبل يطلبون من الله النصر على أعدائهم بالنبي المنعوت في آخر الزمان الذي يجدون صفته عندهم في التوراة، وقيل الاستفتاح هنا بمعنى الفتح: أي يخبرونهم بأنه سيبعث ويعرفونهم بذلك، وجواب " لما " في قوله (ولما جاءهم كتاب) قيل هو قوله (فلما جاءهم ما عرفوا) وما بعده، وقيل هو محذوف: أي كذبوا أو نحوه، كذا قال الأخفش والزجاج. وقال المبرد: إن جواب " لما " الأولى هو قوله (كفروا) وأعيدت " لما " الثانية لطول الكلام، واللام في الكافرين للجنس. ويجوز أن تكون للعهد ويكون هذا من وضع الظاهر موضع المضمر، والأول أظهرو " ما " في قوله (بئسما) موصولة أو موصوفة: أي الشئ أو شيئا (اشتروا به أنفسهم) قاله سيبويه. وقال الأخفش " ما " في موضع نصب على التمييز كقولك: بئس رجلا زيد. وقال الفراء: بئسما بجملته شئ واحد ركب كحبذا.
وقال الكسائي " ما " و " اشتروا " بمنزلة اسم واحد قائم بنفسه، والتقدير: بئس اشتراؤهم أن يكفروا. وقوله (أن يكفروا) في موضع رفع على الابتداء عند سيبويه وخبره ما قبله. وقال الفراء والكسائي: إن شئت كان