في قوله (أتأمرون الناس بالبر) قال: بالدخول في دين محمد. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة، وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسلي؟ وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي عن أبي الدرداء في الآية قال:
لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا. وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت رجعت، فقلت لجبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ". وثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق به أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار فيقولون: يا فلان مالك ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه " وفي الباب أحاديث منها عن جابر مرفوعا عند الخطيب وابن النجار، وعن الوليد بن عقبة مرفوعا عند الطبراني والخطيب بسند ضعيف وعند عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عند موقوفا، ومعناها جميعا: أنه يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون لهم: بما دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بتعليمكم؟ قالوا: إنا كنا نأمركم ولا نفعل. وأخرج الطبراني والخطيب في الاقتضاء والأصبهاني في الترغيب بسند جيد عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه ". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عنه نحوه. وأخرج الطبراني والخطيب في الاقتضاء عن أبي برزة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن قانع في معجمه والخطيب في الاقتضاء عن سليك مرفوعا نحوه. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال " ويل للذي لا يعلم مرة ولو شاء الله لعلمه، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات ". وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن مسعود مثله، وما أحسن ما أخرجه ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال: يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، قال: أو بلغت ذلك؟ قال: أرجو، قال: فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل، قال: وما هن؟ قال: قوله عز وجل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) أحكمت هذه الآية؟ قال لا، قال: فالحرف الثاني، قال: قوله تعالى - لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون - أحكمت هذه الآية؟ قال لا، قال: فالحرف الثالث، قال: قول العبد الصالح شعيب - أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه - أحكمت هذه الآية؟ قال لا، قال: فابدأ بنفسك. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) قال: إنهما معونتان من الله فاستعينوا بهما. وقد أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر وأبو الشيخ في الثواب والديلمي في مسند الفردوس عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الصبر ثلاثة:
فصبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية ". وقد وردت أحاديث كثيرة في مدح الصبر والترغيب فيه والجزاء للصابرين، ولم نذكرها هنا لأنها ليست بخاصة بهذه الآية، بل هي واردة في مطلق الصبر، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور ها هنا منها شطرا صالحا، وفي الكتاب العزيز من الثناء على ذلك والترغيب فيه الكثير الطيب. وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير عن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزبه