(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) الآية. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم عنه قال: كان آصف كاتب سليمان، وكان يعلم الاسم الأعظم، وكان يكتب كل شئ بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين، فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا، وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل بها، فأكفره جهال الناس وسبوه ووقف علماؤهم، فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) الآية وأخرج ابن جرير عنه قال: كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من شأنه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه، فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه، فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها: هاتي خاتمي، فأخذه فلبسه، فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس، فجاء سليمان فقال:
هاتي خاتمي، فقالت: كذبت لست سليمان، فعرف أنه بلاء ابتلي به، فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أخرجوها فقرأوها على الناس وقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب، فبرئ الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمدا وأنزل عليه (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) وأخرج ابن جرير عنه في قوله (وما تتلوا) قال: ما تتبع. وأخرج أيضا عن عطاء في قوله (ما تتلوا) قال: نراه ما تحدث. وأخرج أيضا عن ابن جريج في قوله (على ملك سليمان) يقول: في ملك سليمان. وأخرج أيضا عن السدي في قوله (وما أنزل على الملكين) قال: هذا سحر آخر خاصموه به، فإن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس فصنع وعمل به كان سحرا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وما أنزل على الملكين) قال: لم ينزل الله السحر. وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: هما ملكان من ملائكة السماء. وأخرج نحوه ابن مردويه من وجه آخر عنه مرفوعا. وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر عن ابن عباس (وما أنزل على الملكين) يعني جبريل وميكائيل (ببابل هاروت وماروت) يعلمان الناس السحر. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن البزي أنه كان يقرؤها وما أنزل على الملكين داود وسليمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: هما علجان من أهل بابل. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أشرفت الملائكة على الدنيا، فرأت بني آدم يعصون، فقالت يا رب ما أجهل هؤلاء، ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك، فقال الله: لو كنتم في محلاتهم لعصيتموني، قالوا:
كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: فاختاروا منكم ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات بني آدم، ومثلت لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية، فقال الله:
اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة، فنظر أحدهما لصاحبه قال ما تقول؟ قال: أقول إن عذاب الدنيا ينقطع وإن عذاب الآخرة لا ينقطع، فاختارا عذاب الدنيا، فهما اللذان ذكر الله في كتابه (وما أنزل على الملكين) " الآية.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر أنه كان يقول: أطلعت الحمراء بعد فإذا رآها قال لا مرحبا، ثم قال: إن ملكين من الملائكة هاروت وماروت سألا الله أن يهبطهما إلى الأرض، فأهبطا إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس، فإذا أمسيا تكلما بكلمات فعرجا بها إلى السماء، فقيض لهما امرأة من أحسن النساء وألقيت عليهما الشهوة فجعلا يؤخرانها وألقيت في أنفسهما، فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادا، فأتتهما للميعاد فقالت: علماني الكلمة التي تعرجان بها، فعلماها الكلمة فتكلمت بها فعرجت إلى السماء فمسخت فجعلت كما ترون، فلما أمسيا تكلما بالكلمة فلم يعرجا، فبعث إليهما: إن شئتما فعذاب الآخرة وإن شئتما فعذاب الدنيا إلى أن تقوم الساعة على أن