والمفعول هم الكفار. والضمير في مثليهم يحتمل أن يكون للمشركين: أي ترون أيها المسلمون المشركين مثلي ما هم عليه من العدد، وفيه بعد أن يكثر الله المشركين في أعين المؤمنين وقد أخبرنا أنه قللهم في أعين المؤمنين فيكون المعنى ترون أيها المسلمون المشركين مثليكم في العدد وقد كانوا ثلاثة أمثالهم فقلل الله المشركين في أعين المسلمين فأراهم إياهم مثلي عدتهم لتقوى أنفسهم. وقد كانوا أعلموا أن المائة منهم تغلب المائتين من الكفار، ويحتمل أن يكون الضمير في مثليهم للمسلمين: أي ترون أيها المسلمون أنفسكم مثلي ما أنتم عليه من العدد لتقوى بذلك أنفسكم وقد قال من ذهب إلى التفسير الأول: أعني أن فاعل الرؤية المشركون، وأنهم رأوا المسلمين مثلي عددهم أنه لا يناقض هذا ما في سورة الأنفال من قوله تعالى - ويقللكم في أعينهم - بل قللوا أولا في أعينهم ليلاقوهم ويجترئوا عليهم، فلما لاقوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا. قوله (رأى العين) مصدر مؤكد لقوله (ترونهم) أي رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها (والله يؤيد بنصره من يشاء (أي يقوى من يشاء أن يقويه، ومن جملة ذلك تأييد أهل بدر بتلك الرؤية (إن في ذلك) أي في رؤية القليل كثيرا (لعبرة) فعلة من العبور كالجلسة من الجلوس. والمراد الاتعاظ، والتنكير للتعظيم: أي عبرة عظيمة، وموعظة جسيمة.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (كدأب آل فرعون) قال: كصنيع آل فرعون.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عنه قال كفعل. وأخرج مثله أبو الشيخ عن مجاهد. وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: كسنتهم. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع قال: يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشا، قالوا يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا كانوا غمارا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله (قل للذين كفروا ستغلبون) إلى قوله (أولي الأبصار) ". وأخرج ابن جرير وابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عاصم بن عمر بن قتادة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال: قال فنحاص اليهودي وذكر نحوه. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله (قد كان لكم آية) عبرة وتفكر. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببدر (وأخرى كافرة) فئة قريش الكفار. وأخرج عبد الرزاق أن هذه الآية نزلت في أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله (قد كان لكم آية) يقول: قد كان لكم في هؤلاء عبرة ومتفكر أيدهم الله ونصرهم على عدوهم يوم بدر كان المشركون تسعمائة وخمسين رجلا، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في الآية قال: هذا يوم بدر نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال أنزلت في التخفيف يوم بدر على المؤمنين كانوا يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وكان المشركون مثليهم ستمائة وستة وعشرين فأيد الله المؤمنين.