وأنتم عاكفون في المساجد). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير عن الربيع نحوه.. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال " إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه ويستأنف ". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (تلك حدود الله) قال: يعني طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال (حدود الله) معصية الله: يعني المباشرة في الاعتكاف. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنها الجماع. وأخرج أيضا عن سعيد بن جبير في قوله (كذلك) يعني هكذا يبين الله.
هذا يعم جميع الأمة وجميع الأموال، لا يخرج عن ذلك إلا ما ورد دليل الشرع بأنه يجوز أخذه، فإنه مأخوذ بالحق لا بالباطل، ومأكول بالحل لا بالإثم، وإن كان صاحبه كارها كقضاء الدين إذا امتنع منه من هو عليه، وتسليم ما أوجبه الله من الزكاة ونحوها، ونفقة من أوجب الشرع نفقته. والحاصل أن ما لم يبح الشرع أخذه من مالكه، فهو مأكول بالباطل وإن طابت به نفس مالكه: كمهر البغي، وحلوان الكاهن، وثمن الخمر. والباطل في اللغة: الذاهب الزائل. وقوله (وتدلوا) مجزوم عطفا على تأكلوا فهو من جملة المنهي عنه، يقال أدلى الرجل بحجته أو بالأمر الذي يرجو النجاح به تشبيها بالذي يرسل الدلو في البئر، يقال أدلى دلوه: أرسلها، والمعنى أنكم لا تجمعوا بين أكل الأموال بالباطل وبين الإدلاء بها إلى الحكام بالحجج الباطلة، وفي هذه الآية دليل أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال من غير فرق بين الأموال والفروج، فمن حكم له القاضي بشئ مستندا في حكمه إلى شهادة زور أو يمين فجور فلا يحل له أكله، فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وهكذا إذا أرشى الحاكم فحكم له بغير الحق فإنه من أكل أموال الناس بالباطل. ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال. وقد روى عن أبي حنيفة ما يخالف ذلك، وهو مردود لكتاب الله تعالى ولسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشئ فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار " وهو في الصحيحين وغيرهما. وقوله (فريقا) أي قطعة أو جزءا أو طائفة، فعبر بالفريق عن ذلك، وأصل الفريق: القطة من الغنم تشذ عن معظمها. وقيل في الكلام تقديم وتأخير والتقدير لتأكلوا أموال فريق من الناس بالإثم، وسمى الظلم والعدوان إنما باعتبار تعلقه بفاعله. وقوله (وأنتم تعلمون) أي حال كونكم عالمين أن ذلك باطل ليس من الحق في شئ، وهذا أشد لعقابهم وأعظم لجرمهم وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ولا تأكلوا أموالكم) الآية، قال:
هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه بينة، فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه.
وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال: معناها لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم. وأخرج ابن المنذر عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن امرأة القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض، وأراد امرؤ القيس أن يحلف، فنزلت (ولا تأكلوا أموالكم) الآية.