نصيب من وزرها. والكفل الوزر والإثم، واشتقاقه من الكساء الذي يجعله الراكب على سنام البعير لئلا يسقط، يقال اكتفلت البعير: إذا أدرت على سنامه كساء وركبت عليه، لأنه لم يستعمل الظهر كله بل استعمل نصيبا منه ويستعمل في النصيب من الخير والشر. ومن استعماله في الخير قوله تعالى " يؤتكم كفلين من رحمته " (وكان الله على كل شئ مقيتا) أي مقتدرا، قاله الكسائي. وقال الفراء: المقيت الذي يعطي كل إنسان قوته، يقال قته أقوته قوتا، وأقته أقيته إقاتة فأنا قائت ومقيت، وحكى الكسائي أقات يقيت. وقال أبو عبيدة: المقيت الحافظ. قال النحاس: وقول أبي عبيدة أولى لأنه مشتق من القوت، والقوت معناه: مقدار ما يحفظ الإنسان. وقال ابن فارس في المجمل: المقيت المقتدر. والمقيت: الحافظ والشاهد. وأما قول الشاعر:
ألي الفضل أم على إذا حو * سبت إني على الحساب مقيت فقال ابن جرير الطبري إنه من غير هذا المعنى. قوله (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) التحية تفعلة من حييت، والأصل تحيية مثل ترضية وتسمية فأدغموا الياء في الياء وأصلها الدعاء بالحياة. والتحية:
السلام، وهذا المعنى هو المراد هنا، ومثله قوله تعالى " وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله " وإلى هذا ذهب جماعة المفسرين، وروى عن مالك أن المراد بالتحية هنا تشميت العاطس. وقال أصحاب أبي حنيفة، التحية هنا الهدية لقوله (أو ردوها) ولا يمكن رد السلام بعينه، وهذا فاسد لا ينبغي الالتفات إليه. والمراد بقوله (فحيوا بأحسن منها) أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدئ بالتحية، فإذا قال المبتدئ: السلام عليكم، قال المجيب:
وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا زاد المبتدئ لفظا زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدئ لفظا أو ألفاظا نحو:
وبركاته ومرضاته وتحياته.
قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، ورده فريضة لقوله (فحيوا بأحسن منها أو ردوها) واختلفوا إذا رد واحد من جماعة هل يجزئ أولا؟ فذهب مالك والشافعي إلى الإجزاء، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجزئ عن غيره، ويرد عليهم حديث على عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم " أخرجه أبو داود، وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني وليس به بأس، وقد ضعفه بعضهم. وقد حسن الحديث ابن عبد البر. ومعنى قوله (أو ردوها) الاقتصار على مثل اللفظ الذي جاء به المبتدئ، فإذا قال السلام عليكم، قال المجيب: وعليكم السلام.
وقد ورد في السنة المطهرة في تعيين من يبتدئ بالسلام ومن يستحق التحية ومن لا يستحقها ما يغنى عن البسط ها هنا قوله (إن الله كان على كل شئ حسيبا) يحاسبكم على كل شئ، وقيل معناه حفيظا، وقيل كافيا من قولهم أحسبني كذا: أي كفاني، ومثله " حسبك الله ". قوله (الله لا إله إلا هو) مبتدأ وخبر، واللام في قوله (ليجمعنكم) جواب قسم محذوف: أي والله ليجمعنكم الله بالحشر إلى يوم القيامة: أي إلى حساب يوم القيامة، وقيل إلى بمعنى في، وقيل إنها زائدة. والمعنى: ليجمعنكم يوم القيامة، و (يوم القيامة) يوم القيام من القبور (لا ريب فيه) أي في يوم القيامة، أو في الجمع: أي جمعا لا ريب فيه (ومن أصدق من الله حديثا) إنكار لأن يكون أحد أصدق منه سبحانه. وقرأ حمزة والكسائي ومن " أزدق " بالزاي. وقرأ الباقون بالصاد، والصاد الأصل. وقد تبدل زايا لقرب مخرجها منها.
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سنان في قوله (وحرض المؤمنين) قال: عظهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (من يشفع شفاعة حسنة) الآية، قال: