ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله (وقوموا لله قانتين) قال: من القنوت الركوع والخشوع، وطول الركوع: يعني طول القيام وغض البصر وخفض الجناح والرهبة لله. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " إن في الصلاة لشغلا " وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ". وقد اختلفت الأحاديث في القنوت المصطلح عليه، هل هو قبل الركوع أو بعده، وهل هو في جميع الصلوات أو بعضها، وهل هو مختص بالنوازل أم لا؟ والراجح اختصاصه بالنوازل.
وقد أوضحنا ذلك في شرحنا للمنتقى فليرجع إليه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) قال: يصلي الراكب على دابته، والراجل على رجليه (فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) يعني كما علمكم أن يصلي الراكب على دابته، والراجل على رجليه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال: إذا كانت المسابقة فليوم برأسه حيث كان وجهه فذلك قوله (فرجالا أو ركبانا). وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) قال: ركعة ركعة. وأخرج وكيع وابن جرير عن مجاهد (فإذا أمنتم) قال: خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة.
هذا عود إلى بقية الأحكام المفصلة فيما سلف. وقد اختلف السلف ومن تبعهم من المفسرين في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة؟ فذهب الجمهور إلى أنها منسوخة بالأربعة الأشهر والعشر كما تقدم، وأن الوصية المذكورة فيها منسوخة بما فرض الله لهن من الميراث. وحكى ابن جرير عن مجاهد أن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها، وأن العدة أربعة أشهر وعشر، ثم جعل الله لهن وصية منه سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت. وقد حكى ابن عطية والقاضي عياض أن الإجماع منعقد على أن الحول منسوخ وأن عدتها أربعة أشهر وعشر. وقد أخرج عن مجاهد ما أخرجه ابن جرير عنه البخاري في صحيحه. وقوله (وصية) قرأنا نافع وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي بالرفع على أن ذلك مبتدأ لخبر محذوف يقدر مقدما: أي عليهم وصية، وقيل إن الخبر قوله (لأزواجهم) وقيل إنه خبر مبتدأ محذوف: أي وصية الذين يتوفون وصية أو حكم الذين يتوفون وصية. وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر بالنصب على تقدير فعل محذوف: أي فليوصوا وصية، أو أوصى الله وصية، أو كتب الله عليهم وصية. وقوله (متاعا) منصوب بوصية أو بفعل محذوف: أي متعوهن متاعا، أو جعل الله لهن ذلك متاعا، ويجوز أن يكون منتصبا على الحال. والمتاع هنا: نفقة السنة. وقوله (غير إخراج) صفة لقوله (متاعا) وقال الأخفش: إنه مصدر كأنه قال لا إخراجا، وقيل إنه حال: أي متعوهن غير مخرجات، وقيل منصوب بنزع الخافض: أي من غير إخراج، والمعنى: أنه يجب على الذين يتوفون أن