روى عن ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ". وأخرج أحمد والطبراني وابن عدي والدارقطني بسند ضعيف عن طلق بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر نحو حديث ابن عمر. وأخرج البخاري وغيره عن البراء قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيوت من ظهورها فنزلت (وليس البر) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام، فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر، وإنه خرج معك من الباب، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، فقال: إني رجل أحمسي، قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه.
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة والتابعين.
لا خلاف بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعا قبل الهجرة لقوله تعالى - فاعف عنهم واصفح - وقوله - واهجرهم هجرا جميلا - وقوله - لست عليهم بمسيطر - وقوله - ادفع بالتي هي أحسن - ونحو ذلك مما نزل بمكة، فلما هاجر إلى المدينة أمره الله سبحانه بالقتال، ونزلت هذه الآية، وقيل إن أول ما نزل قوله تعالى - أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا - فلما نزلت الآية كان صلى الله عليه وآله وسلم يقاتل من قاتله، ويكف عمن كف عنه حتى نزل قوله تعالى - اقتلوا المشركين - وقوله تعالى - وقاتلوا المشركين كافة -. وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله (الذين يقاتلونكم) من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم، وجعلوا هذه الآية محكمة غير منسوخة، والمراد بالاعتداء عند أهل القول الأول هو مقاتلة من يقاتل من الطوائف الكفرية. والمراد به على القول الثاني مجاوزة قتل من يستحق القتل إلى قتل من لا يستحقه ممن تقدم ذكره. قوله (حيث ثقفتموهم) يقال ثقف يثقف ثقفا، ورجل ثقيف:
إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور. قال في الكشاف: والثقف وجود على وجه الأخذ والغلبة، ومنه رجل ثقف: سريع الأخذ لأقرانه انتهى. ومنه قول حسان:
فإما يثقفن بني لؤي * جذيمة إن قتلهم دواء قوله (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) أي مكة. قال ابن جرير: الخطاب للمهاجرين، والضمير لكفار