وأخرج عبد بن حميد وأبو داود وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا "، وفي لفظ " قالوا من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله هؤلاء الآيات (ولا تحسبن الذين قتلوا) الآية وما بعدها " وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله: أن أباه سأل الله سبحانه أن يبلغ من وراءه ما هو فيه، فنزلت هذه الآية وهو من قتلى أحد. وقد روى من وجوه كثيرة أن سبب نزول الآية قتلى أحد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أنس: أن سبب نزول هذه الآية قتلى بئر معونة، وعلى كل حال فالآية باعتبار عموم لفظها يدخل تحتها كل شهيد، وقد ثبت في أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره أن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر، وثبت في فضل الشهداء ما يطول تعداده ويكثر إيراده مما هو معروف في كتب الحديث. وأخرج النسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: لما رجع المشركون عن أحد قالوا: لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد، أو بئر أبي عتبة، شك سفيان، فقال المشركون: يرجع من قابل، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكانت تعد غزوة، فأنزل الله سبحانه (الذين استجابوا لله والرسول) الآية. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة في قوله تعالى (الذين استجابوا لله والرسول) الآية، أنها قالت لعروة بن الزبير: يا بن أختي كان أبواك منهم: الزبير وأبو بكر، لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أصاب يوم أحد انصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، فقال: من يرجع في أثرهم؟ فانتدب منهم سبعون فيهم أبو بكر والزبير. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحمراء الأسد، وقد أجمع أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وقالوا: رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم، فبلغه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج في أصحابه يطلبهم، فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه، ومر ركب من عبد القيس، فقال لهم أبو سفيان، بلغوا محمدا أنا قد أجمعنا الرجعة على أصحابه لنستأصلهم، فلما مر الركب برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون معه: حسبنا الله ونعم الوكيل، فأنزل الله في ذلك (الذين استجابوا لله والرسول) الآيات. وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا. فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس فمشوا في الناس يخوفونهم، وقالوا: إنا قد أخبرنا أن قد جمعوا لكم من الناس مثل الليل يرجون أن يواقعوكم. والروايات في هذا الباب كثيرة قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: القرح الجراحات. وأخرج ابن جرير عن السدي أن أبا سفيان وأصحابه لقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا على أن يخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه أنهم قد جمعوا لهم، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فقال هو والصحابة: حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم رجعوا من حمراء الأسد، فأنزل الله فيهم وفي الأعرابي (الذين قال لهم الناس) الآية. وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع أن هذا الأعرابي من خزاعة.
(٤٠١)