وغيرهما: أن مروان قال لبوابه اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: مالكم ولهذه الآية، إنما أنزلت في أهل الكتاب، ثم تلا (وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) الآية، قال ابن عباس: سألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن شئ فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه. وفي البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري: أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الغزو وتخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت.
وقد روى أنها نزلت في فنحاص وأشيع وأشباههما. وروى أنها نزلت في اليهود. وأخرج مالك وابن سعد والطبراني والبيهقي في الدلائل عن محمد بن ثابت أن ثابت بن قيس قال: يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد هلكت قال:
لم؟ قال: قد نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا رجل جهير الصوت، فقال: يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟ فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب. وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله (بمفازة) قال: بمنجاة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله.
قوله (إن في خلق السماوات) هذه جملة مستأنفة لتقرير اختصاصه سبحانه بما ذكره فيها. والمراد ذات السماوات والأرض وصفاتهما (واختلاف الليل والنهار) أي تعاقبهما، وكون كل واحد منهما يخلف الآخر، وكون زيادة أحدهما في نقصان الآخر وتفاوتهما طولا وقصرا وحرا وبردا وغير ذلك (لآيات) أي دلالات واضحة وبراهين بينة تدل على الخالق سبحانه. وقد تقدم تفسير بعض ما هنا في سورة البقرة. والمراد بأولي الألباب: أهل العقول الصحيحة الخالصة عن شوائب النقص، فإن مجرد التفكر فيما قصه الله في هذه الآية يكفي العاقل ويوصله إلى الإيمان الذي لا تزلزله الشبه ولا تدفعه التشكيكات. قوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) الموصول نعت لأولي الألباب - وقيل هو مفصول عنه خبر مبتدأ محذوف، أو منصوب على المدح. والمراد بالذكر هنا ذكره سبحانه في هذه الأحوال من غير فرق بين حال الصلاة وغيرها. وذهب جماعة من المفسرين إلى أن الذكر