وسلم فقال: ربح البيع صهيب مرتين. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن سعيد بن المسيب نحوه. وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل عن صهيب نحوه. وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس قال: نزلت في خروج صهيب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال هم المهاجرون والأنصار.
لما ذكر الله سبحانه أن الناس ينقسمون إلى ثلاث طوائف: مؤمنين، وكافرين، ومنافقين، أمرهم بعد ذلك بالكون على ملة واحدة. وإنما أطلق على الثلاث الطوائف لفظ الإيمان لأن أهل الكتاب مؤمنون بنبيهم وكتابهم، والمنافق مؤمن بلسانه وإن كان غير مؤمن بقلبه. والسلم بفتح السين وكسرها قال الكسائي: ومعناهما واحد، وكذا عند البصريين، وهما جميعا يقعان للإسلام والمسالمة. وقال أبو عمرو بن العلاء: إنه بالفتح للمسالمة، وبالكسر للإسلام. وأنكر المبرد هذه التفرقة. وقال الجوهري: السلم بفتح السين: الصلح، وتكسير ويذكر ويؤنث، وأصله من الاستسلام والانقياد. ورجح الطبري أنه هنا بمعنى الإسلام، ومنه قول الشاعر الكندي:
دعوت عشيرتي للسلم لما * رأيتهم تولوا مدبرين أي إلى الإسلام. وقرأ الأعمش " السلم " بفتح السين واللام. وقد حكى البصريون في سلم وسلم أنها بمعنى واحد " وكافة " حال من السلم أو من ضمير المؤمنين، فمعناه على الأول: لا يخرج منكم أحد، وعلى الثاني: لا يخرج من أنواع السلم شئ بل ادخلوا فيها جميعا: أي في خصال الإسلام، وهو مشتق من قولهم كففت: أي منعت، أي لا يمتنع منكم أحد من الدخول في الإسلام، والكف: المنع، والمراد به هنا الجميع (ادخلوا في السلم كافة) أي جميعا. وقوله (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) أي لا تسلكوا الطريق التي يدعوكم إليه الشيطان، وقد تقدم الكلام على خطوات. قوله (زللتم) أي تنحيتم عن طريق الاستقامة، وأصل الزلل في القدم، ثم استعمل في الاعتقادات والآراء وغير ذلك، يقال زل يزل زلا وزللا وزلولا: أي دحضت قدمه. وقرئ (زللتم) بكسر اللام وهما لغتان، والمعنى: فإن ضللتم وعرجتم عن الحق (من بعد ما جاءتكم البينات) أي الحجج الواضحة والبراهين الصحيحة، أن الدخول في الإسلام هو الحق (فاعلموا أن الله عزيز) غالب لا يعجزه الانتقام منكم (حكيم) لا ينتقم إلا بحق. قوله (هل ينظرون) أي ينتظرون، يقال نظرته وانتظرته بمعنى، والمراد هل ينتظر التاركون للدخول في السلم، والظلل جمع ظلة وهي ما يظلك، وقرأ قتادة ويزيد بن القعقاع " في ظلال " وقرأ يزيد أيضا (والملائكة) بالجر عطفا على الغمام أو على ظلل. قال الأخفش (والملائكة) بالخفض بمعنى: وفي الملائكة قال: والرفع أجود. وقال الزجاج: التقدير في ظلل من الغمام ومن الملائكة. والمعنى: هل ينتظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من الحساب والعذاب في ظلل من الغمام والملائكة. قال الأخفش: وقد يحتمل أن يكون معنى الإتيان