فرددت إليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به.
الجناح: الإثم، أي لا إثم عليكم، والتعريض ضد التصريح، وهو من عرض الشئ: أي جانبه كأنه يحوم به حول الشئ ولا يظهره، وقيل هو من قولك: عرضت الرجل: أي أهديت له. ومنه أن ركبا من المسلمين عرضوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا: أي أهدوا لهما، فالمعرض بالكلام يوصل إلى صاحبه كلاما يفهم معناه. وقال في الكشاف: الفرق بين الكناية والتعريض، أن الكناية أن يذكر الشئ بغير لفظه الموضوع له. والتعريض أن يذكر شيئا يدل به على شئ لم يذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك، ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا * وحسبك بالتسليم مني تقاضيا * وكأنه إمالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض، ويسمى التلويح لأنه يلوح منه ما يريده انتهى. والخطبة بالكسر: ما يفعله الطالب من الطلب، والاستلطاف بالقول والفعل، يقال: خطبها يخطبها خطبة وخطبا. وأما الخطبة بضم الخاء فهي الكلام الذي يقوم به الرجل خاطبا. وقوله (أكننتم) معناه سترتم وأضمرتم من التزويج بعد انقضاء العدة.
والإكنان: التستر والإخفاء: يقال أكننته وكننته بمعنى واحد. ومنه بيض مكنون، ودر مكنون. ومنه أيضا أكن البيت صاحبه: أي ستره. وقوله (علم الله أنكم ستذكرونهن) أي علم الله أنكم لا تصبرون عن النطق لهن برغبتكم فيهن، فرخص لكم في التعريض دون التصريح. وقال في الكشاف: إن فيه طرفا من التوبيخ كقوله - علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم -. وقوله (ولكن لا تواعدوهن سرا) معناه: على سر، فحذف الحرف لأن الفعل لا يتعدى إلى المفعولين. وقد اختلف العلماء في معنى السر فقيل: معناه نكاحا: أي لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني بل يعرض تعريضا. وقد ذهب إلى أن معنى الآية هذا جمهور العلماء، وقيل السر: الزنا، أي لا يكن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزويج بعدها. قاله جابر بن زيد وأبو مجلز والحسن وقتادة والضحاك والنخعي واختاره ابن جرير الطبري، ومنه قول الحطيئة:
ويحرم سر جارتهم عليهم * ويأكل جارهم أنف القصاع وقيل السر: الجماع، أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع ترغيبا لهن في النكاح، وإلى هذا ذهب الشافعي في معنى الآية، ومنه قول امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني * كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي ومثله قول الأعشى:
فلن تطلبوا سرها للغنى * ولن تسلموها لأزهادها