ما تقدم من اسم الله، وقيل راجعة إلى القرآن، وقيل إلى الفضل، وقيل إلى الرحمة والفضل لأنهما بمعنى الثواب وانتصاب صراطا على أنه مفعول ثان للفعل المذكور، وقيل على الحال.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال (لن يستنكف المسيح) لن يستكبر. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والإسماعيلي في معجمه بسند ضعيف عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) قال: أجورهم يدخلهم الجنة ويزيدهم من فضله الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا. وقد ساقه ابن كثير في تفسيره فقال: وقد روى ابن مردويه من طريق بقية عن إسماعيل بن عبد الله الكندي عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود فذكره وقال: هذا إسناد لا يثبت، إذا روى عن ابن مسعود موقوفا فهو جيد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة (قد جاءكم برهان) أي بينة (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) قال: هذا القرآن. وأخرجا أيضا عن مجاهد قال: برهان حجة. وأخرجا أيضا عن ابن جريج في قوله (واعتصموا به) قال: القرآن.
قد تقدم الكلام في الكلالة في أول هذه السورة، وسيأتي ذكر المستفتى المقصود بقوله (يستفتونك).
قوله (إن امرؤ هلك) أي إن هلك امرؤ هلك كما تقدم في قوله - وإن امرأة خافت -. وقوله (ليس له ولد) إما صفة لامرؤ أو حال، ولا وجه للمنع كونه حالا، والولد يطلق على الذكر والأنثى، واقتصر على عدم الولد هنا مع أن عدم الوالد معتبر في الكلالة اتكالا على ظهور ذلك، قيل والمراد بالولد هنا الابن، وهو أحد معني المشترك، لأن البنت لا تسقط الأخت. وقوله (وله أخت) عطف على قوله " ليس له ولد ". والمراد بالأخت هنا هي الأخت لأبوين أو لأب لا لأم، فإن فرضها السدس كما ذكر سابقا. وقد ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن الأخوات لأبوين أو لأب عصبة للبنات وإن لم يكن معهم أخ. وذهب ابن عباس إلى أن الأخوات لا يعصبن البنات، وإليه ذهب داود الظاهري وطائفة وقالوا: إنه لا ميراث للأخت لأبوين أو لأب مع البنت، واحتجوا بظاهر هذه الآية، فإنه جعل عدم الولد المتناول للذكر والأنثى قيدا في ميراث الأخت، وهذا استدلال صحيح لو لم يرد في السنة ما يدل على ثبوت ميراث الأخت مع البنت، وهو ما ثبت في الصحيح أن معاذا قضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بنت وأخت فجعل للبنت النصف وللأخت النصف. وثبت في الصحيح أيضا " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في بنت وبنت ابن وأخت فجعل للبنت النصف ولبنت الابن السدس وللأخت الباقي " فكانت هذه السنة مقتضية لتفسير الولد بالابن دون البنت. قوله (وهو يرثها) أي المرء يرثها: أي يرث الأخت (إن لم يكن لها ولد ذكر) إن كان المراد بإرثه لها حيازته لجميع ما تركته، وإن كان المراد ثبوت ميراثه لها في الجملة أعم من أن يكون كلا أو بعضا صح تفسير الولد مما يتناول الذكر والأنثى، واقتصر سبحانه في هذا الآية على نفي الولد مع كون الأب يسقط الأخ كما يسقطه الولد