وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله (واذكروا الله في أيام معدودات) قال: التكبير أيام التشريق، يقول في دبر كل صلاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يكبر ثلاثا ثلاثا وراء الصلوات ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. وأخرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكبر أيام التشريق كلها. وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حين ارتفع النهار شيئا، فكبر وكبر الناس بتكبيره - ثم خرج الثانية في يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس، فكبر وكبر الناس بتكبيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرمي الجمار ويكبر مع كل حصاة. وقد روى نحو ذلك من حديث عائشة عند الحاكم وصححه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) قال: في تعجيله (ومن تأخر فلا إثم عليه) قال: في تأخيره. وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: النفر في يومين لمن اتقى. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه قال: من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه (فمن تعجل في يومين) وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (لمن اتقى) قال: لمن اتقى الصيد وهو محرم. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأهل السنن والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول وهو واقف بعرفة، وأتاه الناس من أهل مكة فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: الحج عرفات، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام مني ثلاثة أيام (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) قال:
مغفورا له (ومن تأخر فلا إثم عليه) قال مغفورا له. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله (لمن اتقى) قال: لمن اتقى في حجه. قال قتادة وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله (فلا إثم عليه لمن اتقى) قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي من عمره.
لما ذكر سبحانه طائفتي المسلمين بقوله (فمن الناس من يقول) عقب ذلك بذكر طائفة المنافقين، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر. وسبب النزول الأخنس بن شريق كما يأتي بيانه. قال ابن عطية: ما ثبت قط أن الأخنس أسلم - وقيل إنها نزلت في قوم من المنافقين، وقيل إنها نزلت في كل من أضمر كفرا أو نفاقا أو كذبا، وأظهر بلسانه خلافه. ومعنى قوله (يعجبك) واضح. ومعنى قوله (ويشهد الله على ما في قلبه) أنه يحلف على ذلك فيقول: يشهد الله على ما في قلبي من محبتك أو من الإسلام، أو يقول: الله يعلم أني أقول حقا، وأني صادق