إذا انقطع وسكت متحيرا. قال ابن جرير: وحكى عن بعض العرب في هذا المعنى بهت بفتح الباء والهاء. قال ابن جني: قرأ أبو حيوة فبهت بفتح الباء وضم الهاء، وهي لغة في بهت بكسر الهاء، قال: وقرأ ابن السميفع فبهت بفتح الباء والهاء على معنى فبهت إبراهيم الذي كفر، فالذي في موضع نصب، قال: وقد يجوز أن يكون بهت بفتحهما لغة في بهت. وحكى أبو الحسن الأخفش قراءة " فبهت " بكسر الهاء، قال: والأكثر بالفتح في الهاء.
قال ابن عطية: وقد تأول قوم في قراءة من قرأ فبهت بفتحهما أنه بمعنى سب وقذف، وأن النمروذ هو الذي سب حين انقطع ولم يكن له حيلة انتهى. وقال سبحانه (فبهت الذي كفر) ولم يقل فبهت الذي حاج، إشعارا بأن تلك المحاجة كفر. وقوله (والله لا يهدي القوم الظالمين) تذييل مقرر لمضمون الجملة التي قبله.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أن الذي حاج إبراهيم في ربه هو نمروذ بن كنعان. وأخرجه ابن جرير عن مجاهد وقتادة والربيع والسدي. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم: أن أول جبار كان في الأرض نمروذ، وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم عليه السلام يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال: من ربكم؟ قالوا: أنت، حتى مر به إبراهيم، فقال: من ربك؟ قال: الذي يحيى ويميت، قال: أنا أحيي وأميت، قال: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر، فرده بغير طعام. فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب من رمل أصفر فقال: ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي، فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم، فأخذ منه فأتى أهله فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هي بأجود طعام رآه آخذ، فصنعت له منه فقربته إليه، وكان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الطعام الذي جئت به، فعرف أن الله رزقه فحمد الله. ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن وأتركك على ملكك. قال: فهل رب غيري؟ فجاءه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه، ثم أتاه الثالثة فأبى عليه، فقال له الملك: فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام، فجمع الجبار جموعه فأمر الله الملك ففتح عليه بابا من البعوض وطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها، فبعثها الله عليهم فأكلت شحومهم وشربت دماءهم فلم يبق إلا العظام، والملك كما هو لا يصيبه من ذلك شئ، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه، وكان جبارا أربعمائة سنة، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه، ثم أماته الله، وهو الذي كان بني صرحا إلى السماء فأتى الله بنيانه من القواعد. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية، قال: هو نمروذ بن كنعان يزعمون أنه أول من ملك في الأرض أتى برجلين قتل أحدهما وترك الآخر، فقال (أنا أحيي وأميت). وأخرج أبو الشيخ عن السدي (والله لا يهدي القوم الظالمين) قال: إلى الإيمان.