في ليلة القدر - وقوله - إنا أنزلناه في ليلة مباركة - فقال ابن عباس إنه أنزل في ليلة القدر وفي رمضان وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام. وأخرج محمد بن نصر والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، والبيهقي والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: نزل القرآن جملة لأربعة وعشرين من رمضان، فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزله على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترتيلا. وأخرج ابن جرير عنه أنه قال " ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في رمضان أنزل القرآن جملة واحدة من الذكر إلى البيت المعمور ". وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله (هدى للناس) قال:
يهتدون به (وبينات من الهدى) قال: فيه الحلال والحرام والحدود. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال: هو إهلاله بالدار. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن علي قال: من أدرك رمضان وهو مقيم ثم سافر فقد لزمه الصوم لأن الله يقول (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله (يريد الله بكم اليسر) قال: اليسر الافطار في السفر، والعسر: الصوم في السفر. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله (ولتكملوا العدة) قال: عدة شهر رمضان. وأخرج ابن جرير عن الضحاك: أنه قال: عدة ما أفطر المريض في السفر. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما ". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: حق على الصائمين إذا نظروا إلى شهر شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لأن الله يقول (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم). وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يكبر: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يكبر:
الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا الله أكبر ولله الحمد وأجل، الله أكبر على ما هدانا.
قوله (وإذا سألك عبادي عني) يحتمل أن السؤال عن القرب والبعد كما يدل عليه قوله (فإني قريب) ويحتمل أن السؤال عن إجابة الدعاء كما يدل على ذلك قوله (أجيب دعوة الداع) ويحتمل أن السؤال عما هو أعم من ذلك، وهذا هو الظاهر مع قطع النظر عن السبب الذي سيأتي بيانه. وقوله (فإني قريب) قيل بالإجابة، وقيل بالعلم، وقيل بالإنعام. وقال في الكشاف: إنه تمثيل لحاله في سهولة إجابته لمن دعاه، وسرعة إنجاحه حاجة من سأله بمن قرب مكانه، فإذا دعي أسرعت تلبيته. ومعنى الإجابة هو معنى ما في قوله تعالى - ادعوني أستجب لكم وقيل معناه: أقبل عبادة من عبدني بالدعاء لما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم من أن الدعاء هو العبادة، كما أخرجه أبو داود وغيره من حديث النعمان بن بشير، والظاهر أن الإجابة هنا هي باقية على معناها اللغوي، وكون الدعاء من العبادة لا يستلزم أن الإجابة هي القبول للدعاء: أي جعله عبادة متقبلة، فالإجابة أمر آخر غير قبول هذه العبادة. والمراد أنه سبحانه يجيب بما شاء وكيف شاء، فقد يحصل المطلوب قريبا وقد يحصل بعيدا، وقد يدفع عن الداعي من البلاء ما لا يعلمه بسبب دعائه، وهذا مقيد بعدم اعتداء الداعي في دعائه، كما في قوله سبحانه