ما يعبد من دون الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: العروة الوثقى لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أنس بن مالك: أنها القرآن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: أنها الإيمان. وعن سفيان: أنها كلمة الإخلاص. وقد ثبت في الصحيحين تفسير العروة الوثقى في غير هذه الآية بالإسلام مرفوعا في تعبيره صلى الله عليه وآله وسلم لرؤيا عبد الله بن سلام. وأخرج ابن عساكر عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فإنهما حبل الله الممدود، فمن تمسك بهما فقد تمسك بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: إذا وحد الله وآمن بالقدر فهي العروة الوثقى. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن معاذ أنه سئل عن قوله (لا انفصام لها) قال: لا انقطاع لها دون دخول الجنة. وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في قوله (الله ولي الذين آمنوا) الآية، قال: هم قوم كانوا كفروا بعيسى فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم (الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت) الآية، قال: هم قوم آمنوا بعيسى فلما بعث محمد كفروا به. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: الظلمات الكفر. والنور: الإيمان. وأخرج أبو الشيخ عن السدي مثله.
في هذه الآية استشهاد على ما تقدم ذكره من أن الكفرة أولياؤهم الطاغوت، وهمزة الاستفهام لإنكار النفي والتقرير المنفي: أي ألم ينته علمك أو نظرك إلى هذا الذي صدرت منه هذه المحاجة. قال الفراء: ألم تر بمعنى هل رأيت: أي هل رأيت الذي حاج إبراهيم وهو النمروذ بن كوس بن كنعان بن سلم بن نوح، وقيل إنه النمروذ بن فالخ بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام. وقوله (أن آتاه الله الملك) أي لأن آتاه الله، أو من أجل أن آتاه الله على معنى أن إيتاء الملك أبطره وأورثه الكبر والعتو، فحاج لذلك، أو على أنه وضع المحاجة التي هي أقبح وجوه الكفر موضع ما يجب عليه من الشكر، كما يقال: عاديتني لأني أحسنت إليك، أو وقت أن آتاه الله الملك. وقوله (إذ قال إبراهيم) هو ظرف لحاج، وقيل بدل من قوله (أن آتاه الله الملك) على الوجه الأخير وهو بعيد. قوله (ربى الذي يحيى ويميت بفتح ياء ربي، وقرئ بحذفها. قوله (أنا أحيي) قرأ جمهور القراء أنا أحيي بطرح الألف التي بعد النون من أنا في الوصل وأثبتها نافع وابن أبي أويس كما في قول الشاعر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني * حميدا قد تذربت السناما أراد إبراهيم عليه السلام أن الله هو الذي يخلق الحياة والموت في الأجساد، وأراد الكافر أنه يقدر أن يعفو عن القتل فيكون ذلك إحياء، وعلى أن يقتل فيكون ذلك إماتة، فكان هذا جوابا أحمق لا يصح نصبه في مقابلة حجة إبراهيم، لأنه أراد غير ما أراده الكافر، فلو قال له: ربه الذي يخلق الحياة والموت في الأجساد فهل تقدر على ذلك؟ لبهت الذي كفر بادئ بدء وفي أول وهلة، ولكنه انتقل معه إلى حجة أخرى تنفيسا لخناقه، وإرسالا لعنان المناظرة فقال (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) لكون هذه الحجة لا تجري فيها المغالطة ولا يتيسر للكافر أن يخرج عنها بمخرج مكابرة ومشاغبة. قوله (فبهت الذي كفر) بهت الرجل وبهت وبهت: