والسابع: أن القدم هاهنا: مصيبة المسلمين بنبيهم صلى الله عليه وسلم وما يلحقهم من ثواب الله عند أسفهم على فقده ومحبتهم لمشاهدته، ذكره ابن الأنباري.
فإن قيل: لم آثر القدم هاهنا على اليد، والعرب تستعمل اليد في موضع الإحسان؟
فالجواب: أن القدم ذكرت هاهنا للتقدم، لأن العادة جارية بتقدم الساعي على قدميه، والعرب تجعلها كناية عن العمل الذي يتقدم فيه ولا يقع فيه تأخر، قال ذو الرمة:
لكم قدم لا ينكر الناس أنها * مع الحسب العادي طمت على البحر فإن قيل: ما وجه إضافة القدم إلى الصدق؟
فالجواب: أن ذلك مدح للقدم، وكل شئ أضفته إلى الصدق، فقد مدحته، ومثله:
(أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) وقوله: (في مقعد صدق).
وفي الكلام محذوف تقديره: أن أوحينا إلى رجل منهم، فلما اتاهم الوحي (قال الكافرون إن هذا لسحر مبين) قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (لسحار) بألف. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر: (لسحر) بغير ألف. قال أبو علي: قد تقدم قوله تعالى: (أن أوحينا إلى رجل منهم) فمن قال: (ساحر)، أراد الرجل، ومن قال: (سحر) أراد الذي أوحي سحر، أي: الذي تقولون أنتم فيه: إنه وحي: سحر.
قال الزجاج: لما أنذرهم بالبعث والنشور، فقالوا: هذا سحر، أخبرهم أن الذي خلق السماوات والأرض قادر على بعثهم بقوله تعالى: (إن ربكم الله) وقد سبق تفسيره في سورة الأعراف.
قوله تعالى: (يدبر الأمر) قال مجاهد: يقضيه. وقال غيره: يأمر به ويمضيه.
قوله تعالى: (مامن شفيع إلى من بعد إذنه) فيه قولان:
أحدهما: لا يشفع أحد إلا أن يأذن له، قاله ابن عباس. قال الزجاج: لم يجر للشفيع