قوله تعالى: (ثم كلي من كل الثمرات) قال ابن قتيبة: أي: من الثمرات، و " كل " هاهنا ليست على العموم، ومثله قوله: (تدمر كل شئ). قال الزجاج: فهي تأكل الحامض، والمر، وما لا يوصف طعمه، فيحيل الله عز وجل من ذلك عسلا.
قوله تعالى: (فاسلكي سبل ربك) السبل: الطرق، وهي التي يطلب فيها الرعي. و " الذلل " جمع ذلول. وفي الموصوف بها قولان:
أحدهما: أنها السبل، فالمعنى: اسلكي السبل مذللة لك، فلا يتوعر عليها مكان سلكته، وهذا قول مجاهد، واختيار الزجاج.
والثاني: أنها النحل، فالمعنى، إنك مذللة بالتسخير لبني آدم، وهذا قول قتادة، واختيار ابن قتيبة.
قوله تعالى: (يخرج من بطونها شراب) يعني: العسل (مختلف ألوانه) قال ابن عباس: منه أحمر، وأبيض، وأصفر. قال الزجاج: [يخرج] من بطونها، إلا أنها تلقيه من أفواهها، وإنما قال:
من بطونها، لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطن، فيخرج كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم.
قوله تعالى: (فيه شفاء للناس) في هاء الكناية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى العسل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال ابن مسعود، واختلفوا، هل الشفاء الذي فيه يختص بمرض دون غيره، أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه عام في كل مرض. قال ابن مسعود: العسل شفاء من كل داء. وقال قتادة: فيه شفاء للناس من الأدواء، وقد روى أبو سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال: " اسقه عسلا " فسقاه، ثم اتى فقال: قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا، قال: " اسقه، عسلا "، فذكر الحديث.. إلى أن قال: فشفي، إما في الثالثة، وإما في الرابعة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدق الله وكذب بطن أخيك " أخرجه البخاري، ومسلم.
ويعني بقوله " صدق الله ": هذه الآية.
والثاني: فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه، قاله السدي. والصحيح أن ذلك خرج مخرج