الآية حتى تنقضي السورة، قاله أبو عبيدة.
والثاني: أنه سمي بالمثاني لما يتردد فيه من الثناء على الله عز وجل.
والثالث: لما يتردد فيه من ذكر الجنة، والنار، والثواب، والعقاب.
والرابع: لأن الأقاصيص، والأخبار، والمواعظ، والآداب، ثنيت فيه، ذكرهن ابن الأنباري.
وقال ابن قتيبة: قد يكون المثاني سور القرآن كله، قصارها وطوالها، وإنما سمي مثاني، لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، فعلى هذا القول، المراد بالسبع: سبعة أسباع القرآن، ويكون في الكلام إضمار، تقديره: وهي القرآن العظيم، فأما قوله [تعالى] (من المثاني) ففي " من " قولان:
أحدهما: أنها للتبعيض، فيكون المعنى: آتيناك سبعا من جملة الآيات التي يثنى بها على الله تعالى، وآتيناك القرآن.
والثاني: أنها للصفة، فيكون السبع هي المثاني، ومنه قوله [تعالى]: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) لا أن بعضها رجس، ذكر الوجهين الزجاج، وقد ذكرنا عن ابن الأنباري قريبا من هذا المعنى.
قوله تعالى: (والقرآن العظيم) يعني: العظيم القدر، لأنه كلام الله [تعالى]، ووحيه، وفي المراد به هاهنا قولان:
أحدهما: أنه جميع القرآن. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والضحاك.
والثاني: أنه الفاتحة أيضا، قاله أبو هريرة، وقد روينا فيه حديثا في أول تفسير (الفاتحة). قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول، يكون قد نسق الكل على البعض، كما يقول العربي: رأيت جدار الدار والدار، وإنما يصلح هذا، لأن الزيادة التي في الثاني من كثرة العدد أشبه بها ما يغاير الأول، فجوز ذلك عطفه عليه. وعلى القول الثاني، نسق الشئ على نفسه لما زيد عليه معنى المدح والثناء، كما قالوا: روي ذلك عن عمر، وابن الخطاب، يعنون بابن الخطاب: الفاضل العالم الرفيع المنزلة، فلما دخلته زيادة، أشبه ما يغاير الأول، فعطف عليه.
ولما ذكر الله تعالى منته عليه بالقرآن، نهاه عن النظر إلى الدنيا ليستغني بما آتاه من القرآن عن الدنيا، فقال: (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) أي: أصنافا من اليهود والمشركين، والمعنى: أنه نهاه عن الرغبة في الدنيا، وفي قوله: (ولا تحزن عليهم) قولان:
أحدهما: لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا.