وسمي المسن مسنا، لأن الحديد يحك عليه. قال: وإنما كررت " من " لأن الأولى متعلقة ب " خلقنا "، والثانية متعلقة بالصلصال، تقديره: ولقد خلقنا الإنسان من الصلصال الذي هو من حمأ مسنون.
قوله تعالى: (والجان) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مسيخ الجن، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أنه أبو الجن، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وروى عنه الضحاك أنه قال: الجان أبو الجن، وليسوا بشياطين، والشياطين ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس والجن يموتون، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر.
والثالث: أنه إبليس، قاله الحسن، وعطاء، وقتادة، ومقاتل.
فإن قيل أليس أبو الجن هو إبليس؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه هو، فيكون هذا القول هو الذي قبله.
والثاني: أن الجان أبو الجن، وإبليس أبو الشياطين، فبينهما إذا فرق على ما ذكرنا عن ابن عباس، قال العلماء: وإنما سمي جانا، لتواريه عن العيون.
قوله تعالى: (من قبل) يعني قبل خلق آدم (من نار السموم) وقال ابن مسعود: من نار الريح الحارة، وهي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم. والسموم في اللغة: الريح الحارة وفيها نار، قال ابن السائب: وهي نار لا دخان لها.
فسجد الملائكة كلهم أجمعون (30) إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين (31) قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين (32) قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون (33) قال فأخرج منها فإنك رجيم (34) وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين (35) قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (36) قال فإنك من المنظرين (37) إلى يوم الوقت المعلوم (38) قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40) قال هذا صراط على مستقيم (41)