الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب "، وظاهر هذا الحديث أنها لم تكن قبل ذلك. قال الزجاج: ويدل على أنها إنما كانت بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شعراء العرب الذين يمثلون بالبرق والأشياء المسرعة، لم يوجد في أشعارها ذكر الكواكب المنقضة، فلما حدثت بعد مولد نبينا صلى الله عليه وسلم، استعملت الشعراء ذكرها، فقال ذو الرمة:
كأنه كوكب في إثر عفرية * مسوم في سواد الليل منقضب والثاني: أنه قد كان ذلك قبل نبينا صلى الله عليه وسلم، فروى مسلم في صحيحه من حديث علي بن الحسين عن ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه، إذ رمي بنجم، فاستنار، فقال: " ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية "؟ قالوا: كنا نقول: يموت عظيم، أو يولد عظيم، قال:
" فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا إذا قضى أمرا، سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يستخبر أهل كل سماء أهل سماء، حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء، وتخطف الجن ويرمون، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون ". وروي عن ابن عباس أن الشياطين كانت لا تحجب عن السماوات، فلما ولد عيسى، منعت من ثلاث سماوات، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، منعوا من السماوات كلها. وقال الزهري: قد كان يرمى بالنجوم قبل مبعث رسول الله، ولكنها غلظت حين بعث صلى الله عليه وسلم، وهذا مذهب ابن قتيبة، قال: وعلى هذا وجدنا الشعر القديم، قال بشر بن أبي خازم، وهو جاهلي:
والعير يرهقها الغبار وجحشها * ينقض خلفهما انقضاض الكوكب وقال أوس بن حجر، وهو جاهلي:
فانقض كالدرئ يتبعه * نقع يثور تخاله طنبا قوله تعالى: (إلا من استرق السمع) أي: اختطف ما سمعه من كلام الملائكة. قال ابن فارس: استرق السمع: إذا تسمع * مستخفيا. (فأتبعه) أي: لحقه (شهاب مبين) قال ابن قتيبة:
كوكب مضئ. وقيل: " مبين " بمعنى: ظاهر يراه أهل الأرض. وإنما يسترق الشيطان ما يكون من أخبار الأرض، فأما وحي الله عز وجل، فقد صانه عنهم. واختلفوا هل يقتل الشهاب، أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه يحرق ويخبل ولا يقتل، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أنه يقتل، قاله الحسن. فعلى هذا القول، هل يقتل الشيطان قبل أن يخبر بما سمع، فيه قولان: