بعضهم بعضا بالسجود والانحناء، فحظره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروى أنس بن مالك قال: " قال رجل:
يا رسول الله! أحدنا يلقى صديقه، أينحني له؟ قال: لا ".
والثاني: أنها ترجع إلى الله، فالمعنى: وخروا لله سجدا، رواه عطاء، والضحاك عن ابن عباس، فيكون المعنى: أنهم سجدوا شكرا لله إذ جمع بينهم وبين يوسف.
قوله تعالى: (هذا تأويل رؤياي) أي: تصديق ما رأيت، وكان قد رآهم في المنام يسجدون له، فأراه الله ذلك في اليقظة. واختلفوا فيما بين رؤياه وتأويلها على سبعة أقوال:
أحدها: أربعون سنة، قاله سلمان الفارسي، وعبد الله بن شداد بن الهاد، ومقاتل.
والثاني: اثنتان وعشرون سنة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: ثمانون سنة، قاله الحسن، والفضيل بن عياض.
والرابع: ست وثلاثون سنة، قاله سعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي.
والخامس: خمس وثلاثون سنة، قاله قتادة.
والسادس: سبعون سنة، قاله عبد الله بن شوذب.
والسابع: ثماني عشرة سنة، قاله ابن إسحاق.
قوله تعالى: (وقد أحسن بي) أي: إلي. والبدو: البسط من الأرض. وقال ابن عباس:
البدو: البادية، وكانوا أهل عمود وماشية.
قوله تعالى: (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) أي: أفسد بيننا. قال أبو عبيدة: يقال: نزغ بينهم ينزغ، أي: أفسد وهيج، وبعضهم يكسر زاي ينزغ. (إن ربي لطيف لما يشاء) أي: عالم بدقائق الأمور. وقد شرحنا معنى " اللطيف " في سورة (الأنعام).
فإن قيل: قد توالت على يوسف نعم جمة، فما السر في اقتصاره على ذكر السجن، وهلا ذكر الجب، وهو أصعب؟ فالجواب من وجوه.
أحدها: أنه ترك ذكر الجب تكرما، لئلا يذكر إخوته صنيعهم، وقد قال: " لا تثريب عليكم اليوم ".
والثاني: أنه خرج من الجب إلى الرق، ومن السجن إلى الملك، فكانت هذه النعمة أوفى.
والثالث: أن طول لبثه في السجن كان عقوبة له، بخلاف الجب، فشكر الله على عفوه.
قال العلماء بالسير: أقام يعقوب بعد قدومه مصر أربعا وعشرين سنة. وقال بعضهم: سبع