سوء الظن بيوسف، لأنه قد خطر لي.
قوله تعالى: (لأمارة بالسوء) قرأ ابن عامر، وأهل الكوفة، ويعقوب إلا رويسا: " بالسوء إلا " بتحقيق الهمزتين. وقرأ أبو عمرو، وابن شنبوذ عن قنبل بتحقيق الثانية وحذف الأولى. وروى نظيف عن قنبل بتحقيق الأولى وقلب الثانية ياء. وقرأ أبو جعفر، وورش، ورويس بتحقيق الأولى وتليين الثانية بين بين، مثل: " السوء علا ". وروى ابن فليح بتحقيق الثانية وقلب الأولى واوا، وأدغمها في الواو التي قبلها، فتصير واوا مكسورة مشددة قبل همزة " إلا ".
قوله تعالى: (إلا ما رحم ربي) قال ابن الأنباري: قال اللغويون: هذا استثناء منقطع، والمعنى: إلا أن رحمة ربي عليها المعتمد. قال أبو صالح عن ابن عباس: المعنى: إلا من قول امرأة العزيز، فالمعنى: إلا من رحم ربي في قهره لشهوته، أو في نزعها عنه. ومن قال: هو قول العزيز، فالمعنى: إلا من رحم ربي بأن يكفيه سوء الظن، أو يثبته، فلا يعجل. قال ابن الأنباري: والقول بأن هذا قول يوسف أصح الوجهين:
أحدهما: لأن العلماء عليه.
والثاني: لأن المرأة كانت عابدة وثن، وما تضمنته الآية أليق أن يكون قول يوسف من قول من لا يعرف الله تعالى. وقال المفسرون: فلما تبين الملك عذر يوسف وعلم أمانته، قال:
(أئتوني به أستخلصه لنفسي) أي: أجعله خالصا لي، لا يشركني فيه أحد.
فإن قيل: فقد رويتم في بعض ما مضى أن يوسف قال في مجلس الملك: " ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب "، فكيف قال الملك: " ائتوني به " وهو حاضر عنده؟!
فالجواب: أن أرباب هذا القول يقولون: أمر الملك بإحضاره ليقلده الأعمال في غير المجلس الذي استحضره فيه لتعبير الرؤيا. قال وهب: لما دخل يوسف على الملك، وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا، كان كلما كلمة بلسان، أجابه يوسف بذلك اللسان، فعجب الملك، وكان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة، فقال إني أسمع رؤياي منك شفاها، فذكرها له، قال: فما ترى أيها الصديق؟ قال: أرى أن تزرع زرعا كثيرا في هذه السنين المخصبة، وتجمع الطعام، فيأتيك الناس فيمتارون، وتجمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد، فقال الملك: ومن لي بهذا؟ فقال يوسف: " اجعلني على خزائن الأرض ". قال ابن عباس: ويريد بقوله: (مكين أمين) أي: قد مكنتك في ملكي وائتمنتك فيه. وقال مقاتل: المكين: الوجيه، والأمين: الحافظ.
قوله تعالى: (اجعلني على خزائن الأرض) أي: خزائن أرضك. وفي المراد بالخزائن قولان: