شدة ما أعظمنه حضن، وكذلك روي عن الزجاج أنه أنكره.
قوله تعالى: (وقطعن أيديهن) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: حززن أيديهن، وكن يحسبن أنهن يقطعن طعاما، قاله ابن عباس، وابن زيد.
والثاني: قطعن أيديهن حتى ألقينها، قاله مجاهد، وقتادة.
والثالث: كلمن الأكف وابن الأنامل، قاله وهب بن منبه.
قوله تعالى: (وقلن حاشا لله) قرأ أبو عمرو " حاشا " بألف في الوصل في الموضعين، واتفقوا على حذف الألف في الوقف، وأبو عمرو جاء به على التمام والأصل، والباقون حذفوا.
وهذه الكلمة تستعمل في موضعين.
أحدهما: الاستثناء.
والثاني: التبرئة من الشر. والأصل " حاشا " وهي مشتقة من قولك: كنت في حشا فلان، أي: في ناحيته، والحشا: الناحية، وأنشدوا:
بأي الحشا أمسى الخليط المباين أي: بأي النواحي، والمعنى: صار يوسف في حشا من أن يكون بشرا، لفرط جماله.
وقيل: صار في حشا مما قرفته به امرأة العزيز. وقال ابن عباس، ومجاهد: " حاش لله " بمعنى:
معاذ الله. قال الفراء: و " بشرا " منصوب، لأن الباء قد استعملت فيه، فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء، فلما حذفوها أحبوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه، فنصبوا على ذلك، وكذلك قوله: (ما هن أمهاتهم)، وأما أهل نجد فيتكلمون بالباء وبغير الباء، فإذا أسقطوها، رفعوا، وهو أقوى الوجهين في العربية. قال الزجاج: قوله: الرفع أقوى الوجهين، غلط، لأن كتاب الله أقوى اللغات، ولم يقرأ بالرفع أحد. وزعم الخليل. وسيبويه، وجميع النحويين القدماء أن " بشرا " منصوب، لأنه خبر " ما " و " ما " بمنزلة " ليس ". قلت: وقد قرأ أبو المتوكل، وأبو نهيك، وعكرمة، ومعاذ القارئ في آخرين: " ما هذا بشر " بالرفع. وقرأ أبي بن كعب، وأبو الجوزاء، وأبو السوار: " ما هذا بشرى " بكسر الباء والشين مقصورا منونا. قال الفراء: أي: ما هذا بمشترى. وقرأ ابن مسعود: " بشراء " بالمد والهمز مخفوضا منونا.
قوله تعالى: (إن هذا إلا ملك كريم) قرأ أبي، وأبو رزين، وعكرمة، وأبو حيوة، والجحدري: " ملك " بكسر اللام.
قوله تعالى: (فذلكن الذي لمتنني فيه) قال المفسرون: لما ذهلت عقولهن فقطعن أيديهن، قالت لهن ذلك.