والثاني: أنه الطعام أيضا، قاله عكرمة.
والثالث: كل شئ يحز بالسكاكين، قاله الضحاك.
والرابع: أنه الزماورد، روي عن الضحاك أيضا. وقد روي عن جماعة أنهم فسروا المتكأ بما فسروا به المتك، فروي عن ابن جريج أنه قال: المتكأ: الأترج، وكل ما يحز بالسكاكين.
وعن الضحاك قال: المتكأ: كل ما يحز السكاكين. وفرق آخرون بين القراءتين، فقال مجاهد:
من قرأ " متكأ " بالتثقيل، فهو الطعام، ومن قرأ بالتخفيف، فهو الأترج. قال ابن قتيبة: من قرأ " متكا " فإنه يريد الأترج، ويقال: الزماورد. وأيا ما كان، فإني لا أحسبه سمي متكا إلا بالقطع، كأنه مأخوذ من البتك، فأبدلت الميم منه باء، كما يقال: سمد رأسه وسبده: إذا استأصله، وشر لازم، ولازب، والميم تبدل من الباء كثيرا، لقرب مخرجيهما.
قوله تعالى: (وآتت كل واحدة منهن سكينا) إنما فعلت ذلك، لأن الطعام الذي قدمت لهن يحتاج إلى السكاكين. وقيل: كان مقصودها افتضاحهن بتقطيع أيديهن كما فضحنها. قال وهب بن منبه: ناولت كل واحدة منهن أترجة وسكينا، وقالت لهن: لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن. قال الزجاج: إن شئت ضممت التاء من قوله:
" وقالت "، وإن شئت كسرت، والكسر الأصل لسكون التاء والخاء، ومن ضم التاء، فلثقل الضمة بعد الكسرة. ولم يمكنه أن لا يخرج، لأنه بمنزلة العبد لها. وذكر بعض أهل العلم أنها إنما قالت: " اخرج " وأضمرت في نفسها " عليهن "، فأخبر الحق عما في النفس كأن اللسان قد نطق به، ومثله (إنما نطعمكم لوجه الله..) الآية لم يقولوا ذلك، إنما أضمروه، ويدل على صحة هذا أنها لو قالت له وهو شاب مستحسن: اخرج على نسوة من طبعهن الفتنة، ما فعل.
وفي قوله (أكبرنه) قولان:
أحدهما: أعظمنه، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال قتادة، وابن زيد.
والثاني: حضن، رواه الضحاك عن ابن عباس. وروى علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: حضن [من الفرح]، قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
نأتي النساء لدى أطهارهن ولا * نأتي النساء إذا أكثرن إكبارا وقد روى هذا المعنى ليث عن مجاهد، واختاره ابن الأنباري، ورده بعض اللغويين، فروي عن أبي عبيدة أنه قال: ليس في كلام العرب " أكبرن " بمعنى " حضن "، ولكن عسى أن يكن من