أراد: تواضعت المدينة، وقال الآخر:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته * كما شرقت صدر القناة من الدم أراد: كما شرقت القناة.
قال المفسرون: فلما عزم القوم على كيد يوسف، قالوا لأبيه: (مالك لا تأمنا) قرأ الجماعة " تأمنا " بفتح الميم وإدغام النون الأولى في الثانية والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم، قال مكي: لأن الأصل " تأمننا " ثم أدغمت النون الأولى، وبقي الإشمام يدل على ضمه النون الأولى. والإشمام: هو ضمك شفتيك من غير صوت يسمع، فهو بعد الإدغام وقبل فتحه النون الثانية. وابن كيسان يسمي الإشمام الإشارة، ويسمى الروم إشماما، والروم: صوت ضعيف يسمع خفيا. وقرأ أبو جعفر " تأمنا " بفتح النون من غير إشمام إلى إعراب المدغم. وقرأ الحسن " مالك لا تأمنا " بضم الميم. وقرأ ابن مقسم " تأمننا " بنونين على الأصل، والمعنى: مالك لا تأمنا على يوسف فترسله معنا، فإنه قد كبر ولا يعلم شيئا من أمر المعاش (وإنا له لناصحون) فيما أشرنا به عليك، (أرسله معنا غدا) إلى الصحراء. وقال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير، وذلك أنهم قالوا له: أرسله معنا، فقال: إني ليحزنني أن تذهبوا به، فقالوا: مالك لا تأمنا.
قوله تعالى: (نرتع ونلعب) قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو " نرتع ونلعب " بالنون فيهما، والعين ساكنة، وافقهم زيد عن يعقوب في " نرتع " فحسب.
وفي معنى " نرتع " ثلاثة أقوال:
أحدها: نله، قاله الضحاك.
والثاني: نسع، قاله قتادة.
والثالث: نأكل، يقال: رتعت الإبل: إذا رعت، وأرتعتها: إذا تركتها ترعى. قال الشاعر:
وحبيب لي إذا لاقيته * وإذا يخلوا له لحمي رتع أي أكله، هذا قول ابن الأنباري، وابن قتيبة. وقرأ عاصم، وحمزة والكسائي: " يرتع ويلعب " بالياء فيهما وجزم العين والباء، يعنون " يوسف ". وقرأ نافع: " نرتع " بكسر العين من " نرتع " من غير بلوغ إلى الياء. قال ابن قتيبة: ومعناها: نتحارس، ويرعى بعضنا بعضا، أي:
يحفظ، ومنه يقال: رعاك الله، أي: حفظك. ورويت عن ابن كثير أيضا " نرتعي " بإثبات ياء بعد العين في الوصل والوقف. وقرأ أنس، وأبو رجاء " نرتعى " بإثبات ياء بعد العين في الوصل والوقف. وقرأ أنس، وأبو رجاء " نرتع " بنون مرفوعة وكسر التاء وسكون العين، و " نلعب " بالنون. قال أبو عبيدة: أي: نرتع إبلنا.