وبالتحريم صرح ابن البراج، وتبعه ابن إدريس، وهو قول أبي الصلاح أيضا، واختاره في المنتهى.
وأما الأخبار الواردة في هذا المقام فمنها: ما تقدم في سابق هذه المسألة، من حديث عروة بن عبد الله.
ومنها: ما رواه في الكافي والتهذيب عن منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تلق، ولا تشتر ما تلقى ولا تأكل منه (1).
وما رواه في الفقيه عن منهال القصاب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تلقي الغنم، فقال: لا تلق ولا تشتر ما تلقي ولا تأكل من لحم ما تلقى (2).
وما رواه في الكافي والتهذيب عن منهال القصاب. قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لا تلق، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن التلقي. قلت وما حد التلقي؟ قال: ما دون غدوة أو روحة. قلت وكم الغدوة والروحة؟ قال: أربعة فراسخ (3) قال ابن أبي عمير: وما فوق ذلك فليس بتلق.
وأنت خبير بأن الأخبار المذكورة متفقة على النهي عن ذلك، وهو حقيقة في التحريم عندهم، والخروج عنه من غير دليل صارف غير معقول.
وغاية ما أجاب به العلامة في المختلف - بعد اختياره القول بالكراهة ونقله خبر منهال الأول، وكذا خبر عروة، إلى أن قال -: والجواب: أن النهي كما يدل على التحريم، فكذا يدل على الكراهة.
ولا يخفى ما في هذا الجواب من النظر الظاهر لكل ناظر! وكيف لا وهو وغيره قد صرحوا بأن الأصل في النهي التحريم، وهو المعنى الحقيقي له، والحمل على الكراهة مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة، ولو تم ما ذكره هنا من هذا الكلام لزم أن