القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون، كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، وهو أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر (1).
وعن أبي بصير في الصحيح أو الموثق، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤمن فقير شديد الحاجة من أهل الصفة وكان لازما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند مواقيت الصلاة كلها، لا يفقده في شئ منها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرق له وينظر إلى حاجته وغربته. ثم يقول: يا سعد، لو قد جائني شئ لأغنيتك، قال فأبطأ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاشتد غم رسول الله، فعلم الله - عز وجل - ما دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غمه بسعد، فأهبط جبرئيل عليه السلام ومعه درهمان. فقال له: يا محمد، إن الله - عز وجل - قد علم ما دخل عليك من الغم بسعد، أفتحب أن تغنيه؟ قال: نعم. فقال له: فهاك هذين الدرهمين، فاعطه إياهما، ومره أن يتجر بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جبرائيل عليه السلام.
ثم خرج إلى صلاة الظهر، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ينتظره. فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:
يا سعد أتحسن التجارة؟ فقال له سعد: والله ما أصبحت أملك مالا أتجر به، فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدرهمين، فقال له: أتجر بهما، وتصرف لرزق الله عز وجل، فأخذهما سعد ومضى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى صلى معه الظهر والعصر فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قم واطلب الرزق، فقد كنت بحالك مغتما يا سعد.
قال: فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئا إلا باعه بدرهمين، ولا يشتري بدرهمين إلا باعه بأربعة دراهم، وأقبلت الدنيا عليه، حتى كثر متاعه وماله، وعظمت تجارته واتخذ على باب المسجد موضعا وجلس فيه، وجمع تجاراته إليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام بلال للصلاة يخرج وسعد مشغول بالدنيا، لا يتطهر ولا يتهيأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يا سعد، شغلتك الدنيا