قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له: ابتع لي ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق، فيعطيه من عنده، قال: لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه، إن الله عز وجل يقول: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " وإن كان عنده خير مما يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده " (1).
وقال في كتاب الفقه الرضوي: إذا سألك رجل شراء ثوب فلا تعطه من عندك، فإنه خيانة، ولو كان الذي عندك أجود مما عند غيرك (2).
ونقل عن ابن إدريس أنه علل المنع هنا، بأن التاجر صار وكيلا في الشراء، ولا يجوز للوكيل أن يشتري لموكله من نفسه، لأن العقد يحتاج إلى ايجاب وقبول، وهو لا يصلح أن يكون موجبا قابلا، فلأجل ذلك لم يصلح أن يشتري له من عنده.
وفيه: أنه لم يقم دليل لنا على ما ذكره من منع كونه موجبا قابلا، كما سيأتي تحقيقه انشاء الله تعالى. بل الظاهر أن العلة هنا: إنما هي خوف التهمة، كما يدل عليه:
ما رواه في الفقيه عن ميسر، قال: قلت له: يجيئني الرجل فيقول: اشتر لي، فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق؟ قال: إن أمنت أن لا يتهمك فاعطه من عندك، فإن خفت أن يتهمك فاشتر له من السوق (3).
أقول: وهذه المسألة ترجع إلى مسألة الوكالة، فيما لو وكله على يبع أو شراء أو أطلق ولم يفهم منه الإذن ولا عدمه بالنسبة إلى الوكيل، فهل يكفي هذا الاطلاق في جواز بيعه عن نفسه أو شرائه لنفسه؟ قولان.
ظاهر أكثر المتأخرين المنع، ويدل عليه بالنسبة إلى الشراء: ما ذكرناه من صحيحة هشام أو حسنته، أو موثقة إسحاق، وعبارة كتاب الفقه الرضوي.