راسخا حقيقيا، وهذا لا يستتبع شيئا حتى يحبط بالأعمال المتأخرة والاعتقادات الطارئة (1).
أقول: نظر القائلين بامتناع التحابط إلى إثبات استحقاق العباد في قبال الأعمال الصالحة للجنة، واستحقاقهم النار كذلك، منكرين أن المسألة في باب الثواب والعقاب خارجة عن قانون العلية والمعلولية، ومندرجة في الجزاف والاستهزاء، غافلين عن أن الأمر ليس كما توهموه، كما مر تفصيله، ويأتي أيضا الإيماء إليه.
فعليه من كان مؤمنا ثم كفر في هذه النشأة، يكون متحركا في الدرجات وفي الطبيعة، وتزول الصور، وتكتسب الصور الاخر، ويشتد الوجود ويضعف إلى أن يصل إلى مفارقة المادة أو ما بحكمها، حتى ينقطع عن الحركة الذاتية الطبيعية، وعن المعراج الروحي والاستكمال التدريجي أو الضعف التدريجي، فالاعتقادات الزائلة كالسواد والبياض على الأجسام المتحركة الزائلين، من غير فرق بينهما، وأما الإيمان فإن كان راسخا فلا يزول، فإذا زال فهو أيضا، إيمان ضعيف كالسواد الزائل بضياء الشمس.
فالاستدلال بتكثير الصور - كما في تفسير الفخر (2) - من القيل والقال الذي ليس له مجال، وأما الآية الشريفة فلا تدل إلا على أن لهم كذا، وأما وصولهم إليها فهو أمر آخر، ضرورة إمكان منعهم لمانع خارجي أحدثوه، وهو الكفر والإلحاد والزندقة والإفساد. وتفصيل حديث حبط الأعمال في محله إن شاء الله تعالى.