إذا كانت على طبق موازين إسلامية، فإنها تسمى أيضا عهد الله، لأنها قرار الله وإمضاء الله في ذيلها وتوثيقه في مؤخرتها، فنقض هذه العهود صفة الفاسقين، فيكون محرما.
وتوهم: اختصاص الآية بالعهد الخاص - كما أشرنا إليه فيما سبق - غير جائز، والنزول في مورد خاص لا يستتبع الاختصاص.
والمقصود من التحريم التكليفي ترتيب آثار النقض بعد العهد والميثاق، فلو كان معتقدا بالإسلام والنبوة الخاصة بعد تلك الدلائل، فلا يجوز له نقض العهد بإظهار خلافه، وبالانسلاك في أسلاك المبطلين وهكذا.
وأما الانصراف القلبي لأجل الوساوس الشيطانية غير الاختيارية، فلا يكون مورد التكليف، ولا تحريم بالنسبة إليه، ولو كان ذلك ممكنا، كما تحرر في الأصول.
أقول: ربما يتوجه على الاستدلال المذكور: بأن الفاسقين في الآية الشريفة هم الكفار، وقد كثر استعماله حتى صار شائعا في ذلك - كما مر - فالنقض المذكور من صفات الكفار، فلا يشمل نقض العهود والقرارات بينه وبين المسلمين.
هذا، مع أن تحريم نقض العهد بعنوانه، يستلزم تعدد العقوبة عند ترك الصلاة والصوم، لأن المكلف بتركهما يستحق عقوبتهما، ولأجل أنه ينطبق عليه نقض عهد الله ووصيته، يستحق عقوبة ثانية، والالتزام بذلك غير ممكن، والقول بتداخل العقابين أو العقوبات مما لا يرجع إلا إلى الاشتداد وهو - أيضا - مما لا يصح الالتزام به، فحرمة نقض العهد شرعا غير ثابتة بهذه الآية الكريمة، سواء كان العهد الراجع إلى الأمور القلبية