الآيات في قصة آدم تشير - أحيانا - أو ترمز إلى ما تخيلوه، ضرورة أن الجنة بعد ما كانت جنة الأرض، وآدم كان مع زوجه من الأرض، فلابد وأن يكون أكل أشيائها من غير تلك الشجر، مثل الشجرة في حديث الظلم المذكور هنا، وفي حديث إبداء سوآتهما في السور الاخر، فإن الأكل يستتبع التبعات المذكورة على الإطلاق، ولا جزاف في أن يريد الله انتفاء تلك التبعات في زمان خاص بلا جهة مرجحة بالنسبة إلى فرد دون الأزمنة الأخرى والأفراد الآخرين.
أقول: إن قلنا بأن آدم في هذه الآيات، هي طينة آدم والكينونة السابقة، التي هي مشترك فيها جميع الأشياء، ويكون الزوج المرتبة الأخرى من تلك الطينة، التي بزواجهما تحصل المراتب الاخر والأوصاف الكلية الوهمية والغضبية والبهيمية، فلا إشكال، لأن الشجرة طبعا تكون شجرة ملعونة في القرآن، أصلها في الجحيم، وطلعها كأنه رؤوس الشياطين، فيكون الشجرة في الكتاب الإلهي اصطلاحا عند الإطلاق للشجرة المذكورة، ويكون الأكل والذوق والقرب والأكل الراغد على الإطلاق - وهكذا كله - إشعارا بمسائل عرفانية إيمانية وكمالات عقلية إيمانية، فإن ضيق اللغة أوجب هذه الاستعارات والمجازات، ولعل هذا هو معنى المتشابهات القرآنية - كما يأتي إن شاء الله تعالى - ومر في موضع:
أن المتشابهات اصطلاح لتشبيهات الأمور العقلية بالحسية، فلا جزاف - عندئذ - بالضرورة.
أو نقول: إن المراد من " آدم " هو الفرد الأول الموجود في الأرض، الآتي أحيانا من السماوات الاخر، كما ترى في هذه الأيام ذهاب " آدم " إلى