بالاستحقاق واللياقة.
وبالجملة: إذا قيل له أنبئهم بأسمائهم أنبأهم بها، * (فلما أنبأهم بأسمائهم) * أي مطلق الأسماء والخواص والحدود، أو خصوص ما يتعلق بشؤونهم مما يتوجهون إذا أنبأهم آدم بها، فيزداد علمهم بإنبائه، أو يلتفتون، ويزول الأمر بعد ذلك. * (قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض) * فتكون المسألة مربوطة بمسائل الغيب وبغيب السماوات والأرض، وأنه يتبين وجود الغيب لكل شئ وحصول الباطن وراء هذا الظاهر، وأنتم لا تعلمون إلا القليل، فإن العلم قليله مقسوم، والخطاب فيه التأكيد والحدة، كي يتوجه القارئ إلى عدم التجاوز عن حدود عرفانه وعلمه.
وإن شئت قلت: قال الله تعالى في الآية السابقة: * (إني أعلم ما لا تعلمون) *، ومما لا يعلمون هو مسائل غيب السماوات والأرض بأجمعها، والله تعالى يعلمها بأجمعها، وعنده خزائن كل شئ، كما قال: * (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه) * (1).
* (وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) * وطبعا يكون نوع توحيد وسنخية بين ما كانوا أبدوه وما كانوا يكتمونه، فقد ظهر منهم فيما سبق ما لا ينبغي، وكتموا في ذواتهم العداوة والبغضاء أو أبدوا عجزهم، وكتموا تقديرهم لآدم وسجدتهم وخضوعهم الذاتي له، أو أبدوا تسبيح الله تعالى وأن ما عندهم من العلم فهو من الله، وكتموا ما خلج ببالهم من مشاكل السجدة لآدم والابتلاء بإبليس، وأنه سيظهر على كافة الخلق أكملية آدم، وهو شديد عليهم.