عنده من الإرادة والقصد للملائكة، بجعل الخلافة للإنسان حتى تكون الملة مثله تعالى بذكر ما في نفوسهم عند الأغيار، حتى يحصل له من الحقائق ما خفي عليه، ومن الدقائق ما بطن. فالآية فيها الإرشاد الاجتماعي والفردي، حتى في صورة كون الأمر واضحا بينا، كما فيما نحن فيه، فضلا عن الإنسان المختفي عليه جهات المسائل ونواحي الأمور وضواحي الأعمال والأفعال، وفضلا عن الجاهلين القاصرين عن الوصول إلى مغزى الأمور ونيل الواقعيات التكوينية أو الاعتبارية.
3 - إذا كنت تدرك وتفهم من سؤال الملائكة أولا، ومن نسبة الباطل إلى خليفة الله، ونسبة الفساد سفك الدماء إلى مجعوله تعالى ثانيا، ومن تفاخرهم بإظهار تسبيحهم وتقديسهم له تعالى ثالثا، أن هذه الأمور غير لائقة بجنابهم وغير مترقبة عن حضراتهم، فلتكن - يا أخي - على خبروية وإحاطة بالسيئات والأباطيل، وبعيدا عن الإفساد والفساد، ومتجنبا عن الغيبة والتهمة والكذب والافتراء بالنسبة إلى المسلمين والمؤمنين، بل والأشباه والنظائر في الخلق والخلق ولا تجترئ على التدخل في أمور الناس بالسؤال، ولا تكن مراقبا لصنائع القوم، فإن من راقب الناس مات هما وغما.
فهذه الآية من هذه الناحية أيضا في جهة الإرشاد والإيعاز، وفي ناحية الإصلاح والتوجيه إلى المحاسن الخليفة، فالفخر بذكر المحامد، ورؤية مساوئ الآخرين، والاغترار برؤية محاسن نفسه، والإغماض عن محامد المؤمنين، كله من الخطاء في الطريقة والسلوك فإن السالك لابد وأن يصل - بالدراسة والتأمل وبالتدريب والتفكر -