بدوية استئنافية جئ بها لإفادة الفصل بين الآيات وانقطاع الربط والنظم، فما في " مجمع البيان " من التشبث بإفادة النظم بين هذه الآية وما سبقت (1)، ينافي ذلك ولا تناسق بين المعاني السالفة وهذا البحث الجديد جدا.
قوله تعالى: * (جاعل في الأرض خليفة) * اختلفوا في أنه بمعنى التعيين، فيتعدى إلى مفعولين (2)، أو بمعنى الخلق فإلى مفعول واحد (3)، ومن الغريب ذهاب الأكثر إلى الأول، وإلى أن " في الأرض " هو المفعول الثاني، مع أنه غير معقول، لأنه ظرف لغو، ولا يكون الجعل المركب إلا وهو في ظرف من الزمان أو المكان، مثلا جعل زيد عمرا منطلقا، يكون قابلا لأن يتعلق به كلمة " في زمان كذا " و " في بلدة كذا ".
وكلمة " في الأرض " ليست بحكم المفعول الثاني، فعلى هذا يتعين الوجه الآخر، أو يقال: تكون الآية هكذا " إني جاعل خليفة موجودا في الأرض "، فإنه من الجعل المركب النحوي ولو كان جعله بسيطا غير نحوي.
ومن هنا يظهر حكم قوله تعالى: * (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) *.
نعم يحتمل ان تكون كلمة * (يفسد فيها ويسفك الدماء) * مفعولا ثانيا، ويجوز أن تكون صفة للموصول، وأما واو * (ويسفك) * فيحتمل الحالية والعاطفة، فيكون من عطف الخاص على العام، والثاني أظهر، لأن قوله