في دليل يدل على وجوب القضاء، فإن حصل الظفر به أوجبناه وإلا فلا، لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد. ونقل عن بعض أصحابنا القول بعدم الإعادة مطلقا، نظرا إلى كون المأتي به شرعيا فيكون مجزئا على كل تقدير. ورد بأن الإذن في التقية من جهة الاطلاق لا يقتضي أزيد من إظهار الموافقة مع الحاجة " انتهى. وأنت خبير بأنه إن اشترط في جواز العمل بالتقية عدم المندوحة، يلزم على قوله أنه مع المندوحة تجب الإعادة وقتا وخارجا.
ثم لا يخفى عليك أن المسألة لخلوها عن النص الصريح لا تخلو عن الاشكال وما ذكره من التعليل في المقام عليل. إلا أن الذي يقرب إلى الفهم العليل والذهن الكليل - من أخبار حفظة التنزيل الدالة على الأمر بمخالطة العامة ومعاشرتهم وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم، حتى ورد " إن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا " (1) والتأكيد على الصلاة معهم ونحو ذلك، مع استلزام ذلك المخالفة في بعض الأفعال البتة - هو صحة ما أوجبته التقية مطلقا، سواء كان مأمورا به بطريق الخصوص أو العموم، له مندوحة عن الاتيان به تقية أم لا، فإن المفهوم من تلك الأخبار أن الغرض من ذلك هو تأليف القلوب واجتماعها لدفع الضرر والطعن على المذهب وأهله كما يشعر به قول الصادق (عليه السلام) بعد الأمر بما قدمنا ذكره: " فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا فعل الله بجعفر ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه " لا أن الغرض إظهار الموافقة لهم في ذلك الجزئي الخاص لدفع الضرر المترتب عليه خاصة، على أنه في صورة ما إذا كان مستند التقية الأخبار المطلقة. فمتى اقتضت ضرورة التقية الموافقة لهم وكان ذلك هو الواجب عليه شرعا فأتى به - وامتثال الأمر يقتضي الاجزاء - فالإعادة وقتا وخارجا يحتاج إلى دليل من غير فرق بين المقامين، لأن هذه المسألة في التحقيق فرد من أفراد مسألة