اليوم الأول بالبر وا لطاف وفي الثاني والثالث يقدم له ما حضره ولا يزيده على عادته ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة وتسمى الجيزة وهي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل ومنه الحديث الاخر أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وقال الخطابي معناه أنه إذا نزل به الضيف أن يتحفه ويزيده في البر على ما بحضرته يوما وليلة وفي اليومين الأخيرين يقدم له ما يحضره فإذا مضى الثلاث فقد قضي حقه فما زاد عليها مما يقدمه له يكون له صدقة وقد وقع في رواية عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري عن أبي شريح عند أحمد مسلم بلفظ الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة وهذا يدل على المغايرة ويؤيده ما قال أبو عبيد وأجاب الطيبي بأنها جملة مستأنفة بيان للجملة الأولى كأنه قيل كيف يكرمه قال جائزته ولا بد من تقدير مضاف أي زمان جائزته أي بره والضيافة يوم وليلة فهذه الرواية محمولة على اليوم الأول ورواية عبد الحميد على اليوم الأخير أي قدر ما يجوز به المسافر ما يكفيه يوم وليلة فينبغي أن يحمل على هذا عملا بالروايتين انتهى ويحتمل أن يكون المراد بقوله وجائزته بيانا لحالة أخرى وهي أن المسافر تارة يقيم عند من ينزل عليه فهذا لا يزاد على الثلاث بتفاصيلها أو تارة لا يقيم فهذا يعطى ما يجوز به قدر كفايته يوما وليلة ولعل هذا أعدل الأوجه انتهى كلام الحافظ قال النووي أجمع المسلمون على الضيافة وأنها من متأكدات الاسلام ثم قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى والجمهور وهي سنة ليست بواجبة وقال الليث وأحمد هي واجبة يوما وليلة على أهل البادية وأهل القرى دون أهل المدن وتأول الجمهور هذه الأحاديث وأشباهها على الاستحباب ومكارم الأخلاق وتأكد حق الضيف كحديث غسل الجمعة واجب على كل محتلم أي متأكد الاستحباب وتأولها الخطابي رحمه الله وغيره على المضطر انتهى قلت قد اختار القاضي الشوكاني وجوب الضيافة واستدل عليه بدلائل عديدة فقال في النيل والحق وجوب الضيافة لأمور ثم ذكرها فمنها إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك وهذا لا يكون في غير واجب ومنها قوله فما كان وراء ذلك فهو صدقة فإنه صريح أن ما قبل ذلك غير صدقة بل واجب شرعا ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ليلة الضيف حق واجب فهذا تصريح بالوجوب لم يأت ما يدل على تأويله قلت وجوب الضيافة هو الظاهر الراجح عندي والله تعالى أعلم قوله (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الشيخان وأصحاب السنن
(٨٧)