(ألا) للتنبيه وكذا ما بعده (وإن منهم) أي من بني ادم (البطئ الغضب) فعيل من البطء مهموز وقد يبدل ويدغم وهو ضد السريع (سريع الفئ) أي سريع الرجوع من الغضب (ومنهم سريع الغضب سريع الفئ فتلك بتلك) وفي المشكاة فإحداهما بالأخرى قال القاري أي إحدى الخصلتين مقابلة بالأخرى ولا يستحق المدح والذم فاعلهما لاستواء الحالتين فيه بمقتضى العقل فلا يقال في حقه إنه خير الناس ولا شرهم انتهى وههنا قسم رابع لم يذكره الترمذي وذكره غيره ففي المشكاة ومنهم من يكون بطئ الغضب بطئ الفئ فإحداهما بالأخرى قال القاري والتقسيم بمقتضى العقل رباعي لا خامس له وفيه إشارة إلى أن الانسان خلق فيه جمع الأخلاق المرضية والدنية وأن كماله أن تغلب له الصفات الحميدة على الذميمة لا أنها تكون معدومة فيه بالكلية وإليه الإشارة بقوله تعالى والكاظمين الغيظ حيث لم يقل والعادمين إذ أصل الخلق لا يتغير ولا يتبدل ولذا ورد ولو سمعتم أن جبلا زال عن مكانه فصدقوه وإن سمعتم أن رجلا تغير عن خلقه أي الأصلي فلا تصدقوه ومما يدل على جواز تبديل الأخلاق في الجملة دعاؤه صلى الله عليه وسلم اللهم أهدني لصالح الأخلاق لا يهدي لصالحها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت انتهى (ألا وإن منهم حسن القضاء) أي مستحسن الأداء إذا كان عليه الدين (حسن الطلب) أي إذا كان له دين على أحد (ومنهم سئ القضاء حسن الطلب) أي فإحداهما بالأخرى كما في رواية (ومنهم سئ القضاء سئ الطلب فتلك بتلك) وفي المشكاة منكم من يكون حسن القضاء وإذا كان له أفحش في الطلب قال القاري بأن لم يراع الأدب واذى في تقاضيه وعسر على صاحبه في الطلب (ألا وإن الغضب جمرة) أي حرارة غريزية وحدة جبلية مشعلة جمرة نار مكمونة في كانون النفس إلى حمرة عينيه كما يوجد مثل هذا عند حرارة الطبيعة في أثر الحمى
(٣٥٨)