قال الحافظ كلها بمعنى والمراد سطوع حرها ووهجه واختلف في نسبة الحمى إلى جهنم فقيل حقيقة واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة وقد جاء في حديث أخرجه البزار من حديث عائشة بسند حسن وفي الباب عن أبي أمامة عند أحمد وعن أبي ريحانة عند الطبراني وعن ابن مسعود في مسند الشهاب الحمى حظ المؤمن من النار وهذا كما تقدم في حديث الأمر با براد أن شدة الحر من فيح جهنم وأن الله أذن لها بنفسين وقيل بل الخبر ورد مورد التشبيه والمعنى أن حر الحمى شبيه بحر جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها وهو ما يصيب من قرب منها من حرها كما قيل بذلك في حديث الابراد والأول أولى انتهى قوله (فأبردوها) قال الحافظ المشهور في ضبطها بهمزة وصل والراء مضمومة وحكى كسرها يقال بردت الحمى أبردها بردا بوزن قتلتها أقتلها قتلا أي أسكنت حرارتها قال شاعر الحماسة إذا وجدت لهيب الحب في كبدي أقبلت نحو سقاء القوم أبترد هبني بردت ببرد الماء ظاهره فمن لنار على الأحشاء تتقد وحكى عياض رواية بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء من أبرد الشئ إذا عالجة فصيره باردا مثل أسخنه إذا صيره سخنا وقد أشار إليها الخطابي وقال الجوهري إنها لغة رديئة انتهى ووقع في حديث ابن عمر في رواية فأطفئوها بهمزة قطع ثم طاء مهملة وفاء مكسورة ثم همزة أمر من الاطفاء (بالماء) قال الخطابي ومن تبعه اعترض بعض سخفاء الأطباء على هذا الحديث بأن قال اغتسال المحموم بالماء خطر يقربه من الهلاك لأنه يجمع المسام ويحقن البخار ويعكس الحرارة إلى داخل الجسم فيكون ذلك سببا للتلف قال الخطابي غلط بعض من ينسب إلى العلم فانغمس في الماء لما أصابته الحمى فاحتقنت الحرارة في باطن بدنه فأصابته علة صعبة كادت تهلكه فلما خرج من علته قال قولا سيئا لا يحسن ذكره وإنما أوقعه في ذلك جهله بمعنى الحديث والجواب أن هذا الاشكال صدر عن صدر مرتاب في صدق الخبر فيقال له أولا من أين حملت الأمر على الاغتسال وليس في الحديث الصحيح بيان الكيفية فضلا عن اختصاصها بالغسل وإنما في الحديث الارشاد إلى تبريد الحمى بالماء فإن أظهر الوجود أو اقتضت صناعة الطب أن انغماس كل محموم في الماء أو صبه إياه على جميع بدنه يضره فليس هو المراد وإنما قصد صلى الله عليه وسلم استعمال الماء على وجه
(٢٠٢)