كان تعلقها بالأعضاء الأصلية فهي حمى دق وهي أخطرها وإن كان تعلقها بالأخلاط سميت عفنية وهي بعدد الأخلاط الأربعة وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الافراد والتركيب وإذا تقرر هذا فيجوز أن يكون المراد النوع الأول فإنها تسكن بالانغماس في الماء البارد وشرب الماء المبرد بالثلج وبغيره ولا يحتاج صاحبها إلى علاج اخر وقد قال جالينوس في كتاب حيلة البرء لو أن شابا حسن اللحم خصب البدن ليس في أحشائه ورم استحم بماء بارد أو سبح فيه وقت القيظ عند منتهى الحمى لانتفع بذلك وقال أبو بكر الرازي إذا كانت القوى قوية والحمى حاد والنضج بين ولا ورم في الجوف ولا فتق فإن الماء البارد ينفع شربه فإن كان العليل خصب البدن والزمان حار أو كان معتادا باستعمال الماء البارد اغتسالا فليؤذن له فيه وقد نزل ابن القيم حديث ثوبان على هذه القيود فقال هذه الصفة تنفع في فصل الصيف في البلاد الحارة في الحمى العرضية أو الغب الخالصة التي لا ورم معها ولا شئ من الأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فيطفئها بإذن الله فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشمس ووفور القوى في ذلك الوقت لكونه عقب النوم والسكون وبرد الهواء قال والأيام التي أشار إليها هي التي يقع فيها بحران الأمراض الحادة غالبا ولا سيما في البلاد الحارة تنبيه قال ابن القيم قوله بالماء فيه قولان أحدهما أنه كل ماء وهو الصحيح والثاني أنه ماء زمزم واحتج أصحاب هذا القول بما رواه البخاري في صحيحه عن أبي جمرة نضر بن عمران الضبعي قال كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى فقال إبردها عنك بماء زمزم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء أو قال بماء زمزم راوي هذا قد شك فيه ولو جزم به لكان أمرا لأهل مكة بماء زمزم إذ هو متيسر عندهم ولغيرهم بما عندهم من الماء ثم اختلف من قال إنه على عمومه هل المراد به الصدقة بالماء أو استعماله على قولين والصحيح أنه استعماله وأظن أن الذي حمل من قال المراد الصدقة به أنه أشكل عليه استعمال الماء البارد في الحمى ولم يفهم وجهه مع أن لقوله وجها حسنا وهو أن الجزاء من جنس العمل فكما أخمد لهيب العطش عن الظمآن بالماء البارد أخمد الله لهيب الحمى عنه جزاء وفاقا ولكن يؤخذ هذا من فقه الحديث وإشارته وأما المراد به فاستعماله انتهى وحديث رافع بن خديج هذا أخرجه أيضا أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجة قوله (وفي الباب عن أسماء بنت أبي بكر وابن عمر وابن عباس وامرأة الزبير وعائشة) أما
(٢٠٤)