العوذة لأنه كان من المتوكلين وإن جاز لغيره انتهى (من تعلق شيئا) أي من علق على نفسه شيئا من التعاويذ والتمائم وأشباهها معتقدا أنها تجلب إليه نفعا أو تدفع عنه ضرا قاله في النهاية (وكل إليه) بضم واو وتخفيف كاف مكسورة أي خلي إلى ذلك الشئ وترك بينه وبينه والحديث استدل به من قال بكراهية تعليق التمائم وقد اختلف في ذلك أهل العلم قال السيد الشيخ أبو الطيب صديق بن حسن القنوجي في كتابه الدين الخالص اختلف العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم في جواز تعليق التمائم التي من القران وأسماء الله تعالى وصفاته فقالت طائفة يجوز ذلك وهو قول ابن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية وحملوا الحديث (يعني حديث ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرقى والتمائم اللتولة شرك) رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال صحيح وأقره الذهبي على التمائم التي فيها شرك وقالت طائفة لا يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه وجزم به المتأخرون واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه قال بعض العلماء وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل الأول عموم النهي ولا مخصص للعموم الثاني سد الذريعة فإن يفضي إلى تعليق من ليس كذلك الثالث أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك قال وتأمل هذه الأحاديث وما كان عليه السلف يتبين لك بذلك غربة الاسلام خصوصا إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد القرون المفضلة من تعظيم القبور واتخاذها المساجد والإقبال إليها بالقلب والوجه وصرف الدعوات والرغبات والرهبات وأنواع العبادات التي هي حق الله تعالى إليها من دونه كما قال تعالى ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ونظائرها في القران أكثر من أن تحصر انتهى قلت غربة الاسلام شئ وحكم المسألة شئ اخر والوجه الثالث المتقدم لمنع التعليق ضعيف جدا لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة ثم يعلقها والراجح في الباب أن ترك التعليق أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم بناء على أن يكون بما ثبت لا بما لم يثبت لأن التقوى لها مراتب وكذا في الاخلاص وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى والمحصلون لها أقل ولهذا ورد في الحديث في حق السبعين ألفا يدخلون الجنة
(٢٠٠)