الإمام علي بن أبي طالب (ع) - أحمد الرحماني الهمداني - الصفحة ٦٧٦
وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم [صلى الله عليه وآله وسلم]، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا، يتفضلون بفضلنا و يجاحدونا، وينازعونا حقنا ويدفعونا عنه، وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا، إنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم فأنا عليهم عاتب زار (1)، فاهجروهم، أسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا أو نرى منهم ما نرضى.
فقام إليه مالك بن حبيب التميمي اليربوعي - وكان صاحب شرطته - فقال:
والله، إني لأرى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا، والله، لئن أمرتنا لنقتلنهم. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا مالك! جزت المدى، وعدوت الحد، وأغرق في النزع (2).
فقال: يا أمير المؤمنين.
لبعض الغشم أبلغ في أمور * تنوبك (3) من مهادنة الأعادي فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ليس هكذا قضى الله يا مال، قال الله تعالى: النفس بالنفس (4) فما بال بعض الغشم؟ وقال الله سبحانه: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا (5).

(1) - عتب عليه: وجد عليه موجدة وأنكر منه شيئا من فعله، وزرى عمله عليه: عابه عليه وعاتبه.
(2) - المدى: الغاية، وفي بعض النسخ: (وعدوت الحق). وأغرق النازع في القوس: استوفى مدها، و النزع: الرمي، والكلام يقال لمن بالغ في الشئ.
(3) - من ناية الامر أي أصابه. والمراد أن اعمال بعض الظلم على الأعداء والمخالفين في أمور تصيبك وتزلزل أركان حكومتك ويصدك عن النيل بالمقصود الحق أبلغ إلى المراد من المهادنة والرفق وكف التضييق عليهم.
(4) - وفي بعض نسخ الحديث: (فما بال ذكر الغشم) أجاب عليه السلام بأن المقصود مهما عظم وتقدس لا يسوغ الظلم والتعدي في سبيل نيله ولا يوجهه مهما قل وصغر، بل يكون خلاف المقصود وإنما لنا المشي على مهيع الحق فان نلنا فهو والألم يكن بنا بأس وما على الرسول إلا البلاغ المبين والآية في المائدة 5: 45.
5 - الاسراء 17: 33. زاد في (شرح النهج) الحديدي هنا نقلا عن نصر بن مزاحم: (والاسراف في القتل إن تقتل غير قاتلك فقد نهى الله عنه وذلك هو الغشم).
(٦٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 671 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 ... » »»
الفهرست