أتيتموني وبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر، وفيتم لهما ولم تفوا لي، وما الذي منعكم من نكث بيعتهما ودعاكم إلى نكث بيعتي؟
فقلنا له: كن يا أمير المؤمنين، كالعبد الصالح يوسف إذ قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين (1)، فقال عليه السلام لا تثريب عليكم اليوم، وإن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث بإسته - يعنى مروان ابن الحكم - (2).
5 - وعنه قال: (عن حبة العرني، قال: والله، إني لأنظرن إلى الرجل الذي ضرب الجمل ضربة على عجزه فسقط لجنبه، فكأني أسمع عجيج الجمل ما سمعت قط عجيجا أشد منه، قال: لما عقر الجمل، وانقطع بطان الهودج، فزال عن ظهر الجمل، وانفض أهل البصرة منهزمين، وجعل عمار بن ياسر ومحمد ابن أبي بكر يقطعان الحقب والأنساع، واحتملاه - أي الهودج - ووضعاه على الأرض، فأقبل علي بن أبي طالب حتى وقف عليها وهي في هودجها، فقرع الهودج بالرمح، و قال: يا حميراء! رسول الله أمرك بهذا المسير؟ ونادى عمار ابن ياسر يومئذ:
لا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا موليا، ورأيت يومئذ سعيد وأبان ابنا (3) عثمان فجئ بهما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما وقفا بين يديه قال بعض من حضر: اقتلهما يا أمير المؤمنين، فقال: بئس ما قلتم، آمنت الناس كلهم وأقتل هذين؟ ثم أقبل عليهما، وقال لهما: ارجعا عن غيكما، وانزعا وانطلقا حيث شئتما وأحببتما، فأقيما عندي حتى أصل أرحامكما، فقالا: يا أمير المؤمنين! نحن نبايع، فبايعا وانصرفا (4).
6 - قال صاحب الجواهر رحمه الله: (لما هزم الناس يوم الجمل قال أمير المؤمنين عليه السلام: