10 - وقال - أيضا: (ويخطر في البال أن عليا عليه السلام كان يجوز له قتل الجميع إلا خواص شيعته، لأن الناس جميعا قد ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم السقيفة إلا أربعة: سلمان وأبا ذر والمقداد وعمار، ثم رجع بعد ذلك أشخاص، والباقون استمروا على كفرهم حتى مضت مدة أبي بكر وعمر وعثمان، فاستولى الكفر عليهم أجمع حتى آل الأمر إليه عليه السلام ولم يكن له طريق إلى إقامة الحق فيهم إلا بضرب بعضهم بعضا، وأيهم قتل كان في محله إلا خواص الشيعة الذين لم يتمكن من إقامة الحق بهم خاصة. والله العالم (1).
11 - قال ابن أبي الحديد: (وحاربه أهل البصرة وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيوف، وسبوه ولعنوه، فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم، ونادى مناديه في أقطار العسكر: ألا لا يتبع مول، ولا يجهز على جريح، ولا يقتل مستأسر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الأمام فهو آمن، ولم يأخذ أثقالهم، ولا ذراريهم، ولا غنم شيئا من أموالهم، ولو شاء أن يفعل كل ذلك لفعل ولكنه أبى إلا الصفح والعفو وتقبل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة فإنه عفا والأحقاد لم تبرد، ولا إساءة لم تنس (2).
12 - وقال - أيضا: (إن الغالب على ذوي الشجاعة، وقتل الأنفس، وإراقة الدماء أن يكونوا قليلي الصفح بعيدي العفو، لأن أكبادهم واغرة، وقلوبهم ملتهبة، والقوة الغضبية عندهم شديدة، وقد علمت حال أمير المؤمنين عليه السلام في كثرة إراقة الدم وما عنده من الحلم والصفح ومغالبة هوى النفس، وقد رأيت فعله يوم الجمل، ولقد أحسن مهيار في قوله:
حتى إذا دارت رحى بغيهم * عليهم وسبق السيف العذل