ذهبا لين لي هذا الذهب لأفصل قدر حقه، فألانه الله عز وجل له، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه، ثم جعل ينظر إليه وقال: اللهم إني سمعتك تقول: × إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى (1) ×، ولا أريد غنى يطغيني، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا فعاد حجرا، فرماه من يده وقال:
حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تعجبت ملائكة السماوات من فعله، وعجت إلى الله تعالى بالثناء عليه، فصلوات الله من فوق عرشه تتوالى عليه، فأبشر يا أبا اليقظان، فإنك أخو علي في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته، ومن المقتولين في محبته، تقتلك الفئة الباغية، وآخر زادك من الدنيا صاع من لبن، ويلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين، وأنت من خيار شيعتي (2).
2 - قال يزيد بن قعنب: (كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد، أم أمير المؤمنين عليه السلام و كانت حاملا به لتسعة أشهر، وقد أخرها الطلق، فقالت: ربى! إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل عليه السلام وأنه بنى بيتك العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي.
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت قد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة وغابت من أبصارنا فيه، والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب، فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من الله عز وجل، ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين علي عليه السلام، فقالت: إني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم