أما رأيتم ملكا يهدي خادمه إليه هدية خفيفة فيحسن موقعها، ويرفع محل صاحبها، ويحمل إليه من عند خادم هدية عظيمة فيردها ويستخف بباعثها؟ قالوا:
بلى، قال: فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله، سادا خلة فقير مؤمن، و صاحبكم الاخر أعطى ما أعطى معاندة لأخي رسول الله يريد به العلو على علي بن أبي طالب عليه السلام، فأحبط الله عمله، وصيره وبالا عليه، أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا أو لؤلؤا لم يزدد بذلك من رحمة الله إلا بعدا، ولسخط الله تعالى إلا قربا، وفيه ولوجا واقتحاما (1).
3 - قال عليه السلام: (إن قوما عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة، فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا، فتلك عبادة الأحرار (2).
4 - وعنه عليه السلام: (إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك، ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (3).
5 - وعنه عليه السلام: (الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء، إلا ما كان مخلصا، والاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له (4).
أقول: نعم، إذا كان العمل لغير الله فهو وزر على صاحبه، وإذا كان الأنفاق للمباهاة والمفاخرة يكون نصيبا للكلاب والعقبان، فلا حظ حكاية لطيفة أورده الدميري في (حياة الحيوان)، قال: (حكى الأمام العلامة، أبو الفرج الأصبهاني و غيره: أن الفرزدق الشاعر المشهور واسمه همام بن غالب، كان أبوه غالب رئيس قومه، وإن أهل الكوفة أصابتهم مجاعة، فعقر غالب أبو الفرزدق المذكور لأهله