قال: ذلك في الدنيا قبل القيامة، وذلك أن في القيامة لا يكون غدو وعشي، لأن الغدو إنما يكون في الشمس والقمر، وليس في جنان الخلد ونيرانها شمس ولا قمر (1).
أقول: فلاحظ كيف أثبت أبو الحسن الرضا عليه السلام أحكاما للآخرة لم تكن معهودة في الدنيا بقوله عليه السلام: (فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا)، وقوله: (فلا يكون شمس ولا قمر)، وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس هناك ليل وإنما هو ضوء و نور)، وكذلك ما ذكر في تفسير علي بن إبراهيم رحمه الله من نفي الغدو والعشي في القيامة، والحال أنه من أهم سنن الدنيا جريان الشمس والقمر والليل والنهار و العشي والغدو، فيستفاد من ذلك كله أن نظام الآخرة مغاير لنظام الدنيا، والمقايسة بين أحكامهما غير صحيحة، وأن لكل من العالمين نظاما خاصا لا تجري أحكام أحدهما على الآخر.
فالآن أقول: اشهد الله، أن المستفاد لي من مفاهيم الأخبار الكثيرة ومن بعض الآيات القرآنية (2) بمعونة الأخبار هو حضور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي والأئمة من ولده: عند المحتضر بأشخاصهم، وأنفسهم الشريفة، وأعيانهم المباركة، وإن لم تكن كيفية حضورهم لنا معلومة مشهودة، لا ما ذهب إليه العلمان السندان: سيدنا الأجل، علم الهدى، الشريف المرتضى، وشيخنا المعظم السعيد، المفيد - رحمهما الله تعالى وتغمدهما برحمته وغفرانه - من أن المقصود من حضور النبي وأهل بيته الكرام عليهم السلام هو العلم بثمرة ولايتهم ورؤية أثر محبتهم أو بغضهم وعداوتهم.
و لعمري، إن طرح تلك الأخبار الكثيرة التي جاوزت حد التواتر و تضعيفها أولى و أحرى من ارتكاب هذا التأويل، فإنه لم يتبين لي كيف أولا الأحاديث التي