الكرام الكاتبين لو بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك (1) وتكون معنا في السنام الأعلى (2).
فقال الشيخ: كيف قلت، يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الكلام، فقال الشيخ: الله أكبر، يا أبا جعفر، إن أنا مت أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى علي والحسن والحسين و علي بن الحسين - صلوات الله عليهم أجمعين - وتقر عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي و أستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى ههنا، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني فأكون معكم في السنام الأعلى؟
ثم أقبل الشيخ ينتحب، ينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشيخ، وأقبل أبو جعفر، يمسح بأصبعه الدموع من حماليق عينيه (3) وينفضها، ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر عليه السلام:
يا بن رسول الله: ناولني يدك جعلني الله فداك، فناوله يده وقبلها ووضعها على عينيه وخده، ثم حسر عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره، ثم قام، فقال:
السلام عليكم، وأقبل أبو جعفر عليه السلام ينظر في قفاه وهو مدبر، ثم أقبل بوجهه على القوم، فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فقال الحكم بن عتيبة: لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس (4).
أقول: بعد ما لاحظت هذه الأخبار والأحاديث التي هي قليلة من كثيرة فاعلم - وفقك الله - أن حضور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والأئمة من ولده: عند المحتضر من عقائد الإمامية وخصائصهم، وقد ثبت ذلك عندهم بإجماع الأكابر